للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحلال والحرام، والأمر والنهي. وحكى ابن الأنباري عن بعض اللغويين: الرباني: منسوب إلى الرب، لأن العلم: مما يطاع الله به، فدخلت الألف والنون في النسبة للمبالغة، كما قالوا: رجل لحياني: إذا بالغوا في وصفه بكبر اللحية.

قوله تعالى: بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: «تعْلَمون» ، باسكان العين، ونصب اللام، وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائيّ: (تعلّمون) مثقلا، وكلهم قرءوا:

«تدرسون» خفيفة. وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وأبو رزين وسعيد بن جبير، وطلحة بن مصرّف، وأبو حياة: «تُدرِّسون» ، بضم التاء مع التشديد. والدراسة: القراءة. قال الزجّاج: ومعنى الكلام: ليكن هديكم في التعليم هدي العلماء والحكماء، لأن العالم إنما يستحق هذا الاسم إذا عمل بعلمه.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٨٠]]

وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)

قوله تعالى: وَلا يَأْمُرَكُمْ قرأ ابن عامر، وحمزة، وخلف، ويعقوب، وعاصم في بعض الروايات عنه وعبد الوارث، عن أبي عمرو، واليزيدي في اختياره، بنصب الراء. وقرأ الباقون برفع الراء، فمن نصب كان المعنى: وما كان لبشر أن يأمركم، ومن رفع قطعه مما قبله. قال ابن جريج: ولا يأمركم محمّد.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٨١]]

وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١)

قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ، قال الزجاج: موضع «إِذ» نصب، المعنى: واذكر في أقاصيصك إذ أخذ الله. قال ابن عباس: الميثاق: العهد. وفي الذي أخذ ميثاقهم عليه قولان:

أحدهما: أنه تصديق محمّد صلّى الله عليه وسلّم، روي عن علي، وابن عباس، وقتادة، والسدي.

والثاني: أنه أخذ ميثاق الأول من الأنبياء ليؤمننَّ بما جاء به الآخر منهم، قاله طاوس. قال مجاهد والربيع بن أنس: هذه الآية خطأ من الكتَّاب «١» ، وهي في قراءة ابن مسعود: «وإِذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب» واحتج الربيع بقوله تعالى: ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ. وقال بعض أهل العلم: إنما أخذ الميثاق على النبيين وأممهم، فاكتفى بذكر الأنبياء عن ذكر الأمم، لأن في أخذ الميثاق على المتبوع دلالة على أخذه على التابع، وهذا معنى قول ابن عباس والزّجّاج.


(١) باطل. أما أثر مجاهد، فأخرجه الطبري ٧٣٢١ من طريق عيسى بن أبي عيسى الرازي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. وإسناده واه إلى مجاهد لأجل عيسى هذا.
- وأما أثر الربيع، فأخرجه الطبري ٧٣٢٣ من طريق عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به وأبو جعفر هو الرازي واسمه عيسى بن أبي عيسى، وهو المتقدم في إسناد مجاهد، وعنه ابنه عبد الله وهو واه، فهذا لا يصح عنهما، وهو قول باطل بكل حال، والصواب ما هو رسم المصحف، وهو المجمع عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>