وقال القرطبي رحمه الله في «تفسيره» ٥/ ٨٣- ٨٤: قوله تعالى (فآذوهما) قال قتادة والسدي معناه التوبيخ والتعبير وقالت فرقة: هو السب والجفاء دون تعيير. ابن عباس: النيل باللسان والضرب بالنعال قال النحاس: وزعم قوم أنه منسوخ. قلت: رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: (واللاتي يأتين الفاحشة) و (اللذان يأتيانها) كان في أول الأمر فنسختهما الآية التي في النور وقيل وهو أولى: إنه ليس بمنسوخ، وأنه واجب أن يؤدبا بالتوبيخ فيقال لهما: فجرتما وفسقتما وخالفتما أمر الله عز وجل. واختلف العلماء أيضا في القول بمقتضى حديث عبادة الذي هو بيان لأحكام الزناة فقال بمقتضاه علي بن أبي طالب لا اختلاف عنه في ذلك، وأنه جلد شراحة الهمدانية مائة ورجمها بعد ذلك، وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقال بهذا القول الحسن البصري والحسن بن صالح بن حي وإسحاق وقال جماعة من العلماء: بل على الثيب الرجم بلا جلد وهذا يروى عن عمر وهو قول الزهري والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد وأبي ثور، متماسكين بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما وبقوله عليه السّلام لأنيس: «اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» ولم يذكر الجلد، فهو لو كان مشروعا لما سكت عنه. قيل لهم: إنما سكت عنه، لأنه ثابت بكتاب الله تعالى، فليس يمتنع أن يسكت عنه لشهرته والتنصيص عليه في القرآن، لأن قوله تعالى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ يعم جميع الزناة والله أعلم. ويبين هذا فعل علي بأخذه عن الخلفاء رضي الله عنهم ولم ينكر عليه فقيل له: عملت بالمنسوخ وتركت الناسخ. وهذا واضح.