للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطيتني مِثْلَه، فقال الله تعالى: إِنِّي ابتليتُهم بما لم أَبْتَلِكَ به، فإن شئت ابتليتُكَ بِمثْلِ ما ابتليتُهم به وأعطيتُك كما أعطيتُهم؟ قال: نعم، فبينما هو في محرابه إذ وقعتْ عليه حمامة، فأراد أن يأخذها فطارت، فذهب ليأخذها، فرأى امرأة تغتسل، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال السدي. والثاني:

أنه ما زال يجتهد في العبادة حتى بَرَزَ له قرناؤه من الملائكة وكانوا يصلُّون معه ويُسْعِدونه بالبُكاء، فلمّا استأنس بهم، قال: أَخْبِروني بأيِّ شيء أنتم موكّلون؟ قالوا: ما نكتب عليكَ ذَنْباً، بل نكتب صالح عملك ونثبِّتُك ونوفِّقُك ونَصْرِف عنك السُّوء، فقال في نفسه: ليت شِعري كيف أكون لو خلّوني ونفسي وتمنَّى أن يُخَلّى بينه وبين نفسه ليَعْلَم كيف يكون، فأمر اللهُ تعالى قُرَناءَه أن يعتزلوه ليَعْلَم أنه لا غَناءَ به عن الله عزّ وجلّ فلما فقدهم، جَدَّ واجتهد ضِعْفَ عبادته إلى أن ظَنَّ أنه قد غَلَب نَفْسَه، فأراد اللهُ تعالى أن يُعَرِّفَه ضَعْفَه، فأَرسَل إِليه طائراً من طيور الجنة، فسقط في محرابه، فقطع صلاته ومَدَّ يده إليه، فتنحّى عن مكانه، فأَتْبَعَه بَصَرَه، فإذا امرأة أوريا، هذا قول وهب بن منبّه. والثالث: أنه تَذاكرَ هو وبنو إسرائيل، فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذَنْباً؟ فأضمر داودُ في نفسه أنه سيُطيق ذلك، فلمّا كان يوم عبادته، أغلق أبوابه وأَمَرَ أن لا يدخُل عليه أحد وأكبَّ على قراءه الزَّبور، فإذا حمامة من ذهب، فأهوى إليها فطارت، فتَبِعها فرأى المرأة، رواه مطر عن الحسن. والرابع: أنه قال لبني إسرائيل حين ملك: واللهِ لأَعْدِلَنَّ بينكم، ولم يستثن، فابتُليَ، رواه قتادة عن الحسن. والخامس:

أنه أعجبه كثرة عمله، فابتُليَ، قاله أبو بكر الورّاق.

الإِشارة إلى قصة ابتلائه

قد ذكرنا عن وهب أنه قال: كانت الحمامة من طيور الجنة. وقال السدي تصوَّر له الشيطان في صورة حمامة. قال المفسرون: إِنه لمّا تبع الحمامة رأى امرأة من بستان على شطِّ بِرْكَة لها تغتسل، وقيل: بل على سطح لها فعجب من حسنها، فحانت منها التفاتة فرأت ظله، فنفضت شعرها، فغطىّ بدنها فزاده ذلك إِعجاباً بها، فسأل عنها فقيل: هذه امرأة أوريا، وزوجها في غزاة فكتب داود إلى أمير ذلك الجيش أن ابعث أوريا إلى موضع كذا وكذا، وقدِّمه قبل التابوت، وكان مَنْ قُدِّم على التابوت لا يَحِلُّ له أن يرجع حتى يُفْتَح عليه أو يستشهد، ففعل ذلك، ففُتِح عليه فكتب إلى داود يخبره فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا، ففُتح له، فكتب إليه أن ابعثه إِلى عدو كذا وكذا، فقُتل في المرَّة الثالثة، فلمّا انقضت عِدَّة المرأة تزوَّجها داوُد، فهي أُمُّ سليمان، فلمّا دخل بها لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله

<<  <  ج: ص:  >  >>