للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الأعلى]

وهي مكّيّة كلّها بإجماعهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ١ الى ١٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤)

فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩)

سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (١٣)

وفي معنى سَبِّحِ خمسة أقوال «١» : أحدها: قل: سبحان ربي الأعلى، قاله الجمهور. والثاني:

عَظِّم. والثالث: صَلِّ بأمر ربك، روي القولان عن ابن عباس. والرابع: نَزِّه ربك عن السوء، قاله الزجاج. والخامس: نَزِّه اسم ربك وذكرك إياه أن تذكره وأنت معظم له، خاشع له، ذكره الثّعلبي.

وفي قوله عزّ وجلّ: اسْمَ رَبِّكَ قولان: أحدهما: أن ذكر الاسم صلة، كقول لبَيد بن ربيعة:

إلى الحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلاَمِ عَليْكُما ... وَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كاملاً فَقَد اعْتَذَرْ

والثاني: أنه أصلي، وقال الفرّاء: قوله: سبّح اسم ربّك وسبّح باسم ربّك، سواء في كلام العرب.

قوله عزّ وجلّ: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى أي: فعدَّل الخلق. وقد أشرنا إلى هذا المعنى في «الإنفطار» «٢» : وَالَّذِي قَدَّرَ وقرأ الكسائي وحده «قَدَر» بالتخفيف فَهَدى فيه سبعة أقوال «٣» : أحدها:


(١) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ١٢/ ٥٤٣: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، قول من قال: معناه:
نزه اسم ربك أن تدعو به الآلهة والأوثان فكانوا إذا قرءوا ذلك قالوا: سبحان ربي الأعلى، فبين بذلك أن معناه عندهم كان معلوما: عظم اسم ربك، ونزهه.
(٢) الانفطار: ٧.
(٣) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ٥٩٢: وقوله: وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى قال مجاهد: هدى الإنسان للشقاوة والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها، وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى أي: قدّر قدرا، وهدى الخلائق إليه. اه.
وتوقف الطبري فلم يرجح، وقال: الخبر على عمومه حتى يأتي خبر تقوم به حجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>