للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى، لمكان إعزازهم. فعنه ثلاثة أجوبة: أحدها: أنهم لو كثروا في أعينهم، لم يقدموا عليهم، فلم يكن قتال، والقتال سبب النصر، فقلَّلهم لذلك. والثاني: أنه قلَّلهم لئلا يتأهَّب المشركون كل التأهُّب فاذا تحقق القتال، وجدهم المسلمون غير مستعدين، فظفروا بهم. والثالث: أنه قلَّلهم ليحمل الأعداء عليهم في كثرتهم، فيغلبهم المسلمون، فيكون ذلك آية للمشركين ومنبِّهاً على نصرة الحقّ.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦)

قوله تعالى: إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا الفئة: الجماعة. وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً فيه قولان:

أحدهما: أنه الدعاء والنصر. والثاني: ذكر الله على الإِطلاق.

قوله تعالى: وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا قد سبق ذكر التنازع والفشل آنفا.

قوله تعالى: وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وروى أبان: «ويذهبْ» بالياء والجزم. وفيه أربعة أقوال:

أحدها: تذهب شدَّتكم، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وقال السدي: حِدَّتكم وجدُّكم. وقال الزجاج: صولتكم وقوتكم. والثاني: يذهب نصركم، قاله مجاهد، وقتادة. والثالث: تتقطَّع دولتكم، قاله أبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: يقال: هبَّت له ريح النصر: إذا كانت له الدولة. ويقال: له الريح اليوم:

أي الدولة. والرابع: أنها ريح حقيقة، ولم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله فتضرب وجوه العدو ومنه قوله عليه السلام:

(٦٥٠) «نُصِرتُ بالصَّبا، وأُهْلِكتْ عادٌ بالدَّبور» وهذا قول ابن زيد، ومقاتل.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٤٧]]

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧)

قوله تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً.

(٦٥١) قال المفسرون: هم أبو جهل ومن خرج معه من مكة، خرجوا ليدفعوا عن عيرهم التي كانت مع أبي سفيان، ومعهم القيان والمعازف، وهم يشربون الخمور. فلما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز ما معه، كتب إليهم: إني قد أحرزت أموالكم فارجعوا. فقال أبو جهل: والله لا نفعل حتى نَرِدَ بدراً فنقيم ثلاثاً، وننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونسقي الخمور، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابونا.


صحيح. أخرجه البخاري ١٠٣٥ و ٣٢٠٥ و ٣٣٤٣ و ٤١٠٥ ومسلم ٩٠٠ والطيالسي ٢٦٤١ وأحمد ١/ ٣٢٤ و ٣٤١ و ٣٥٥ و ٢٢٨ وابن حبان ٤٢١ والبيهقي ٣/ ٣٦٤ والبغوي ١١٤٤ من طرق عن شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا وأخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٤٣٣ و ٤٣٤ ومسلم ٩٠٠ وأحمد ١/ ٢٢٣ و ٣٧٣ وأبو يعلى ٢٥٦٣ و ٢٦٨٠ والبيهقي ٣/ ٣٦٤ والقضاعي ٥٧٢ من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا.
صحيح. أخرجه الطبري ١٦١٩٤ عن قتادة مرسلا بنحوه. وأخرجه أيضا الطبري ١٦١٨٧ عن ابن عباس دون ذكر الآية واللفظ المرفوع، وورد عن عروة أخرجه الطبري ١٦١٨٦. وورد بنحوه عن ابن إسحاق أخرجه الطبري ١٦١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>