للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة العصر]

وفيها قولان: أحدهما: أنها مكية، قاله ابن عباس، وابن الزّبير، والجمهور. والثاني: مدنيّة، قاله مجاهد، وقتادة، ومقاتل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة العصر (١٠٣) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)

قوله عزّ وجلّ: وَالْعَصْرِ فيه ثلاثة أقوال «١» :

أحدها: أنه الدَّهر، قاله ابن عباس، وزيد بن أسلم، والفراء، وابن قتيبة. وإنما أقسم بالدهر لأن فيه عبرة للناظر من مرور الليل والنهار على تقدير لا ينخرم. والثاني: أنه العشي، وهو ما بين زوال الشمس وغروبها، قاله الحسن وقتادة. والثالث: صلاة العصر، قاله مقاتل.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ قال الزجاج: هو جواب القسم. والإنسان هاهنا بمعنى الناس، كما تقول: كثر الدرهم في أيدي الناس تريد الدراهم. والخسر والخسران في معنى واحد. قال أهل المعاني: الخسر: هلاك رأس المال أو نقصه. والإنسان إذا لم يستعمل نفسه وعمره فيما يوجب له الربح الدائم، فهو في خسران، لأنه عمل في إهلاك نفسه وعمره، وهما أكبر رأس ماله، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا أي: صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا بالطاعة وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ أي: بالتوحيد، والقرآن، واتباع الرسول وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ على طاعة الله، والقيام بشريعته. وقال إبراهيم في تفسير هذه السورة: إن الإنسان إذا عُمِّر في الدنيا لفي نقص وضعف، إلا المؤمنين، فإنهم يكتب لهم أجور أعمالهم التي كانوا يعملون في شبابهم وصحّتهم.


(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ٦٥٧: العصر: الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم، من خير وشر، وقال مالك، عن زيد بن أسلم: هو العشي، والمشهور الأول. وقال الشافعي رحمه الله: لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم. وقال الزمخشري في «الكشاف» ٤/ ٨٠٠: أقسم بصلاة العصر لفضلها، بدليل قوله تعالى وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وقوله عليه الصلاة والسلام: «من فاتته العصر فكأنما وتر أهله وماله» متفق عليه، ولأن التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس على تجارتهم ومكاسبهم آخر النهار، واشتغالهم بمعايشهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>