أنه همز. وروى خارجة عن نافع: «بَيْسٍ» بفتح الباء من غير همز، على وزن «فَعْلٍ» . وروى أبو بكر عن عاصم: «بَيْأسٍ» على وزن «فَيْعَلٍ» . وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وأيوب: «بَيْآسٍ» على وزن «فَيْعالٍ» . وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي، ومعاذ القارئ: «بَئِسٍ» بفتح الباء وكسر الهمزة من غير ياء على وزن «تعس» . وقرأ الضحاك، وعكرمة: «بَيِّسٍ» بتشديد الياء مثل «قيِّم» . وقرأ أبو العالية، وأبو مجلز: «بَئِسَ» بفتح الباء والسين وبهمزة مكسورة من غير ياء ولا ألف على وزن «فَعِلَ» . وقرأ أبو المتوكل، وأبو رجاء: «بائسٍ» بألف ومَدّة بعد الباء وبهمزة مكسورة بوزن «فاعِلٍ» . قال أبو عبيدة:
البئيس: الشّديد، وأنشد:
حيفا عَليَّ وما تَرَى ... لي فيِهمُ أثراً بَئيسَا «١»
وقال الزجاج: يقال: بَئس يبأس بأساً، والعاتي: الشديد الدخول في الفساد، المتمرد الذي لا يقبل موعظة. وقال ابن جرير: «فلما عتوا» أي: تمردوا فيما نُهوا عنه وقد ذكرنا في سورة (البقرة) :
قصة مسخهم. وكان الحسن البصري يقول: والله ما لحوم هذه الحيتان بأعظم عند الله من دماء قوم مسلمين.
قوله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ فيه أربعة أقوال: أحدها: أعلم، قاله الحسن، وابن قتيبة، وقال:
هو من آذنتك بالأمر. وقال ابن الانباري: «تأذن» بمعنى آذن كما يقال: تعلَّم أن فلاناً قائم، أي:
اعلم. وقال أبو سليمان الدمشقي: أي: أعلم أنبياء بني إسرائيل. والثاني: حتم، قاله عطاء. والثالث:
وعد، قاله قطرب. والرابع: تألّى، قاله الزجاج.
قوله تعالى: لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ أي: على اليهود. وقال مجاهد: على اليهود والنصارى بمعاصيهم.
مَنْ يَسُومُهُمْ أي: يولِّيهم سُوءَ الْعَذابِ. وفي المبعوث عليهم قولان: أحدهما: أنه محمّد صلّى الله عليه وسلم، وأمته، قاله ابن عباس. والثاني: العرب، كانوا يجبونهم الخراج، قاله سعيد بن جبير، قال: ولم يجْبِ الخراجَ نَبيٌ قط إلا موسى، جباه ثلاث عشرة سنة، ثم أُمسك إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم. وقال السدي بعث الله عليهم العرب يأخذون منهم الجزية ويقتلونهم. وفي سوء العذاب أربعة أقوال: أحدها: الجزية، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: المسكنة والجزية، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث:
الخراج، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير. والرابع: أنه القتال حتى يُسلموا، أو يُعطوا الجزية.
[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٦٨]]
وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨)
قوله تعالى: وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً قال أبو عبيدة: فرَّقناهم فِرقاً. قال ابن عباس: هم اليهود، ليس من بلد إلا وفيه منهم طائفة. وقال مقاتل: هم بنو إسرائيل. وقيل: معناه: شتات أمرهم وافتراق كلمتهم. مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وهم المؤمنون بعيسى ومحمد عليهما السلام. وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وهم الكفار. وقال ابن جرير: إنما كانوا على هذه الصفة قبل أن يبعث عيسى، وقبل ارتدادهم.
(١) البيت منسوب إلى ذي الإصبع العدواني «الأغاني» ٣/ ١٠٢. وفي «مجاز القرآن» لأبي عبيدة ١/ ٢٣١.