ذكرها اكتفاءً بذكر الخسران قاله ابن جرير. والثالث: أنها الطاعة ذكره بعض المفسرين.
فأما الأوزار، فقال ابن قتيبة: هي الآثام، وأصل الوزر: الحمل على الظهر. وقال ابن فارس:
الوزر: الثقل. وهل هذا الحمل حقيقة؟ فيه قولان: أحدهما: أنه على حقيقته. قال عمير بن هانئ:
يحشر مع كل كافر عمله في صورة رجل قبيح، كلمَّا كان هَوْلٌ عظَّمه عليه، وزاده خوفا، فيقول: بئس الجليس أنت، ما لي ولك؟ فيقول: أنا عملك، طالما ركبتني في الدنيا، فلأركبنك اليوم حتى أُخزيَك على رؤوس الناس، فيركبُه ويتخطى به الناس حتى يقف بين يدي ربه، فذلك قوله: وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ وهذا قول السدي، وعمرو بن قيس الملائي، ومقاتل. والثاني: أنه مثل، والمعنى: يحملون ثقل ذنوبهم، قاله الزجاج. قال. فجعل ما ينالهم من العذاب بمنزلة أَثْقَلِ ما يُتحَمَّل.
ومعنى أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ: بئس الشيء شيئا يزرونه، أي يحملونه.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ٣٢]]
وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢)
قوله تعالى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: وما الحياة الدنيا في سرعة انقطاعها، وقصر عمرها إلا كالشيء يلعب به. والثاني: وما أمر الدنيا والعمل لها إلا لعب ولهو، فأما فعل الخير، فهو من عمل الآخرة، لا من الدنيا. والثالث: وما أهل الحياة الدنيا إلا أهل لعب ولهو، لاشتغالهم عما أمروا به. واللعب: ما لا يُجدي نفعاً.
قوله تعالى: وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ اللام: لام القسم، والدار الآخرة: الجنة «أفلا يعقلون» فيعملون لها. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو وحمزة، والكسائي، «يعقلون» بالياء، في الأنعام والأعراف ويوسف ويس، وقرءوا في القصص بالتاء. وقرأ نافع كل ذلك بالياء، وروى حفص، عن عاصم كل ذلك بالتاء، إلا في يس فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ «١» ، بالياء وقرأ ابن عامر الذي في يس بالياء، والباقي بالتاء.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ٣٣]]
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣)
قوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ في سبب نزولها أربعة أقوال:
(٥٠٦) أحدها: أن رجلا من قريش يقال له: الحارث بن عامر، قال: والله يا محمد ما كذبتنا قط فنتَّهِمَك اليوم، ولكنا إن نتَّبعْك نُتَخَطَّفْ من أرضنا، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
وقال مقاتل: كان الحارث بن عامر يكذِّب النبي في العلانية، فاذا خلا مع أهل بيته، قال: ما محمد من أهل الكذب، فنزلت فيه هذه الآية «٢» .
عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس، وراوية أبي صالح هو الكلبي، وقد رويا عن ابن عباس تفسيرا موضوعا.