للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هاء الكناية قولان: أحدهما: أنها تعود إِلى الشأن. قال الزجاج: معنى الآية: أي وقت تكون في شأن من عبادة الله، وما تلوت من الشأن من قرآن. والثاني: أنها تعود إِلى الله تعالى، فالمعنى: وما تلوت مِنَ الله، أي: من نازل منه من قرآن، ذكره جماعة من العلماء. والخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمته داخلون فيه، بدليل قوله: وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ قال ابن الأنباري: جمع في هذا، ليدل على أنهم داخلون في الفعلين الأوَّلين.

قوله تعالى: إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ الهاء عائدة على العمل. قال ابن قتيبة: تفيضون بمعنى تأخذون فيه. وقال الزجاج: تنتشرون فيه، يقال: أفاض القوم في الحديث: إِذا انتشروا فيه وخاضوا. وَما يَعْزُبُ معناه: وما يبعد. وقال ابن قتيبة: ما يبعد ولا يغيب. وقرأ الكسائيّ «يعزب» بكسر الزّاي ها هنا وفي (سبأ) . وقد بيّنا «مثقال ذرة» في سورة النساء.

قوله تعالى: وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ قرأ الجمهور بفتح الراء فيهما. وقرأ حمزة، وخلف، ويعقوب، برفع الراء فيهما. قال الزجاج: مَنْ قرأ بالفتح، فالمعنى: وما يعزب عن ربك من مثقال ذرَّةٍ، ولا مثقالَ أصغرَ من ذلك ولا أكبر، والموضع موضع خفض، إِلا أنه فُتح لأنه لا ينصرف. ومن رفع، فالمعنى: وما يعزب عن ربك مثقال ذرة ولا أصغر ولا أكبر. ويجوز رفعه على الابتداء، فيكون المعنى: ولا أصغر من ذلك ولا أكبر. إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ قال ابن عباس: هو اللوح المحفوظ.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٢ الى ٦٤]

أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤)

قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ. روى ابن عباس أن رجلاً قال:

(٧٨٢) يا رسول الله، مَن أولياء الله؟ قال: «الذين إِذا رأوا ذُكر الله» .

(٧٨٣) وروى عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء


الراجح وقفه. أخرجه ابن المبارك ٢١٨، والطبراني ١٢٣٢٥، والبزار كما في «المجمع» ١٦٧٧٩ عن ابن عباس مرفوعا، ومداره على جعفر بن أبي المغيرة، وهو غير قوي وبخاصة في روايته عن سعيد بن جبير.
وقد خالفه غيره فرواه مرسلا. أخرجه ابن المبارك ٢١٧، والطبري ١٧٧٢٦. وورد عن ابن عباس موقوفا، وهو أصح وأشبه من المرفوع. والله أعلم. وله شاهد أخرجه أحمد ٤/ ٢٢٧ من حديث عبد الرحمن بن غنم، وقال الهيثمي ١٣١٣٩ «مجمع» فيه شهر بن حوشب، وبقية رجاله رجال الصحيح. أي شهر بن حوشب ضعفه غير واحد. ثم إن عبد الرحمن بن غنم مختلف في صحبته. فالحديث غير قوي، والراجح وقفه. ولفظ الحديث:
«خيار عباد الله الذين إذا رأوا ذكر الله، وشرار عباده المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة، الباغون البرآء العنت» .
صحيح. أخرجه أبو داود ٣٥٢٧، والطبري في «التفسير» ١٧٧٢٩ وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ٥ من طريق أبي زرعة بن عمر بن جرير عن عمر بن الخطاب وإسناده منقطع. وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه أبو يعلى ٦١١٠ وابن حبان ٥٧٣. وإسناده صحيح. وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الحاكم في «المستدرك» ٤/ ١٧٠، ١٧١ وصححه ووافقه الذهبي. وشاهد آخر عن أبي مالك الأشعري أخرجه أحمد ٥/ ٣٤٣ وذكره الهيثمي في «المجمع» ١٠/ ٢٧٦ وقال: رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجاله وثقوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>