للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الفرقان]

قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة في آخرين: هي مكية «١» . وحكي عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا: إِلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة، وهي قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إلى قوله تعالى: غَفُوراً رَحِيماً «٢» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (٣)

قوله تعالى: تَبارَكَ قد شرحناه في سورة الأعراف «٣» ، والفُرقان: القرآن، سمي فُرقاناً، لأنه فُرق به بين الحق والباطل. والمراد بعبده: محمد صلى الله عليه وسلّم، لِيَكُونَ فيه قولان:

أحدهما: أنه كناية عن عبده، قاله الجمهور. والثاني: عن القرآن، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: لِلْعالَمِينَ يعني الجن والإِنس نَذِيراً أي: مخوّفا من عذاب الله.


(١) قال القرطبي رحمه الله في «تفسيره» ١٣/ ٥: سورة الفرقان مكية كلها في قول الجمهور. ومقصود هذه السورة ذكر موضع عظم القرآن، وذكر مطاعن الكفار في النبوة، والرد على مقالاتهم وجهالاتهم.
(٢) الفرقان: ٦٨- ٧٠.
(٣) الأعراف: ٥٤. قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٣/ ٣٨٣: يقول الله تعالى حامدا نفسه الكريمة على ما نزّله على رسوله الكريم من القرآن العظيم، كما قال تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً وقال ها هنا: تَبارَكَ وهو تفاعل من البركة المستقرة الدائمة الثابتة الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ فعل من التكرر والتكثر كما قال: وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ لأن الكتب المتقدمة كانت تنزل جملة واحدة، والقرآن نزل منجما مفصلا آيات بعد آيات، وأحكاما بعد أحكام، وسورا بعد سور. وهذا أبلغ وأشد اعتناء بمن أنزل عليه كما قال في أثناء هذه السورة: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا. وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ولذلك سمّاه ها هنا الفرقان، لأنه يفرق بين الحق والباطل. والحلال والحرام، والهدى والضلال، والغي والرشاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>