(٢) قال الإمام الموفّق رحمه الله في «المغني» ١١/ ٥٠٨: اختلفت الرّواية عن أحمد في كيفية الاستيفاء، فروي عنه، لا يستوفى إلا بالسيف في العنق. وبه قال عطاء، والثوري، وأبو يوسف، ومحمد، لما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا قود إلا بالسيف» رواه ابن ماجة. ولأن القصاص أحد بدلي النفس، فدخل الطرف في حكم الجملة كالدية فإنه لو صار الأمر إلى الدية، لم تجب إلا دية النفس، ولأن القصد من القصاص في النفس تعطيل الكل، وإتلاف الجملة، وقد أمكن هذا بضرب العنق، فلا يجوز تعذيبه بإتلاف أطرافه، كما لو قتله بسيف كال، فإنه لا يقتل بمثله. والرواية الثانية عن أحمد قال: إنه لأهل أن يفعل به كما فعل. يعني أن للمستوفي أن يقطع أطرافه، ثم يقتله. وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأبي ثور. لقول الله تعالى: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وقوله سبحانه: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ. ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رضخ رأس يهودي لرضخه رأس جارية من الأنصار بين حجرين. ولأن الله تعالى قال: وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ. وهذا قد قلع عينه، فيجب أن تقلع عينه، للآية. وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من حرّق حرّقناه، ومن أغرق غرّقناه» . ولأن القصاص موضوع على المماثلة، ولفظه مشعر به، فوجب أن يستوفى منه مثل ما فعل، كما لو ضرب العنق آخر غيره. فأما حديث: «لا قود إلا بالسيف» . فقال أحمد: ليس إسناده بجيد.