أَلاَ مَنْ لِنَفْسٍ لاَ تَمُوتُ فَيَنْقَضي ... شَقَاهَا ولا تحيا حياة لهم طَعْمُ
قوله تعالى: قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ قال ابن عباس: قد أدَّى الفرائض، فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى يعني: درجات الجنة، وبعضها أعلى من بعض. والعلى، جمع العليا، وهو تأنيث الأعلى. قال ابن الأنباري: وإِنما قال: «فأولئك» ، لأن «مَن» تقع بلفظ التوحيد على تأويل الجمع. فإذا غلب لفظها، وُحِّد الراجع إِليها، وإِذا بُيِّن تأويلها، جُمع المصروف إِليها.
قوله تعالى: وَذلِكَ يعني الثواب جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى أي: تطهّر من الكفر والمعاصي.
قوله تعالى: أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي أي: سِرْ بهم ليلاً من أرض مصر فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً أي: اجعل لهم طريقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً قرأ أبو المتوكل والحسن والنخعي: «يَبْساً» باسكان الباء. وقرأ الشعبي وأبو رجاء وابن السميفع:«يابساً» بألف. قال أبو عبيدة: اليبس، متحرك الحروف، بمعنى اليابس، يقال:
شاة يبس، أي يابسة ليس لها لبن. وقال ابن قتيبة: يقال لليابس: يَبَس، ويَبْس. قوله تعالى: لا تَخَفْ قرأ الأكثرون بألف. وقرأ أبان وحمزة عن عاصم:«لا تخفْ» قال الزجاج: من قرأ «لا تخاف» فالمعنى: لست تخاف، ومن قرأ «لا تخفْ» فهو نهي عن الخوف. قال الفراء: قرأ حمزة: «لا تخفْ» بالجزم، ورفع «ولا تخشى» على الاستئناف، كقوله تعالى: يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ استأنف ب «ثم» فهذا مثله، ولو نوى حمزة بقوله:«ولا تخش» الجزم وإِن كانت فيه الياء، كان صواباً، قال ابن قتيبة: ومعنى دَرَكاً لحاقاً. قال المفسرون: قال أصحاب موسى: هذا فرعون قد أدركنَا، وهذا البحر بين أيدينا، فأنزل الله على موسى لا تَخافُ دَرَكاً أي: من فرعون، ولا تخشى غرقاً في البحر.
قوله تعالى: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ قال ابن قتيبة: لحقهم. وروى هارون عن أبي عمرو:«فاتَّبعهم» بالتشديد. وقال الزجاج: تبع الرجل الشيء، وأتبعه، بمعنى واحد، ومن قرأ «فاتّبعهم» بالتشديد، ففيه دليل على أنه اتبعهم ومعه الجنود. ومن قرأ «فأتبعهم» فمعناه: ألحق جنوده بهم، وجائز أن يكون معهم على هذا اللفظ، وجائز أن لا يكون إِلا أنه قد كان معهم، فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ أي: فغشيهم من