للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر» .

(١٠٧٤) وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «تَسِم المؤمن بين عينيه وتكتب بين عينيه: مؤمن، وتَسِم الكافر بين عينيه وتكتب بين عينيه: كافر، وتصرخ ثلاث صرخات يسمعُها مَنْ بين الخافِقَين» . وقال حُذيفة بن أسِيد: إِن للدابه ثلاث خرجات: خرجة في بعض البوادي ثم تنكتم، وخرجة في بعض القرى ثم تنكتم، فبينما الناس عند أشرف المساجد- يعني المسجد الحرام- إِذ ارتفعت الأرض، فانطلق الناس هِراباً، فلا يفوتونها، حتى إِنَّها لتأتي الرجل وهو يصلِّي، فتقول: أتتعوَّذ بالصلاة، والله ما كنت مِنْ أهل الصَّلاة، فتَخْطِمُه، وتجلو وجه المؤمن. وقال عبد الله بن عمرو: إِنها تَنْكُتُ في وجه الكافر نُكْتَةً سوداء فتفشو في وجهه فيسودُّ وجهُه، وتَنْكُتُ في وجه المؤمن نُكْتَةً بيضاء فتفشو في وجهه حتَّى يبيضَّ وجهه، فيعرف الناس المؤمن والكافر، ولَكَأنِّي بها قد خرجت في عقب ركب من الحاج.

قوله تعالى: تُكَلِّمُهُمْ قرأ الأكثرون بتشديد اللام، فهو من الكلام. وفيما تكلِّمهم به ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تقول لهم: إِنَّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، قاله قتادة. والثاني: تكلِّمهم ببطلان الأديان سوى دين الاسلام، قاله السدي. والثالث: تقول: هذا مؤمن، وهذا كافر، حكاه الماوردي.

وقرأ ابن أبي عبلة، والجحدري: بتسكين الكاف وكسر اللام وفتح التاء فهو من الكَلْم قال ثعلب:

والمعنى: تجرحهم. وسئل ابن عباس عن القراءتين، فقال: كل ذلك والله تفعله تُكلِّم المؤمن، وتَكْلِم الفاجر والكافر، أي: تجرحه.

قوله تعالى: أَنَّ النَّاسَ قرأ عاصم وحمزة والكسائي بفتح الهمزة، وكسرها الباقون فمن فتح أراد: تكلِّمهم بأن الناس، وهكذا قرأ ابن مسعود وأبو عمران الجوني: «تكلِّمهم بأنَّ الناس» بزيادة باء مع فتح الهمزة ومن كسر فلأنّ معنى «تكلِّمهم» تقول لهم: إِن الناس، والكلام قول.

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٨٣ الى ٨٦]

وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦)

قوله تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً الفوج: الجماعة من الناس كالزُّمرة، والمراد به:

الرّؤساء والمتبوعين في الكفر، حُشروا وأُقيمت الحجة عليهم. وقد سبق معنى يُوزَعُونَ «١» حَتَّى إِذا جاؤُ إلى موقف لحساب قالَ الله تعالى لهم: أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي هذا استفهام إِنكار عليهم ووعيد لهم وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً فيه قولان: أحدهما: لم تعرفوها حقَّ معرفتها. والثاني: لم تُحيطوا عِلْماً ببطلانها. والمعنى: إنكم لم تتفكّروا في صحّتها، أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في الدنيا فيما أمرتُكم به ونهيتُكم عنه؟! قوله تعالى: وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ قد شرحناه آنفا «٢» بِما ظَلَمُوا أي: بما أشركوا


صدره تقدم برقم ١٠٦٩، وهو حديث حذيفة، واختصره المصنف.
- وقوله «تصرخ ثلاث ... » هو من حديث أبي هريرة، وتقدم تخريجه برقم ١٠٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>