رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فيقولون: نحن على دينك، فإن أصابوا معيشةً، ونتجت خيلهم، وولدت نساؤهم الغلمان اطمأنّوا وقال: هذا دينُ حقٍّ، وإِنْ لم يَجْرِ الأمر على ذلك قالوا: هذا دين سوءٍ، فينقلبون عن دينهم، فنزلت هذه الآية، هذا معنى قول ابن عباس، وبه قال الأكثرون «١» .
(١٠٠٤) والثاني: أن رجلاً من اليهود أسلم فذهب بصره وماله وولده، فتشاءم بالإِسلام، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم، فقال: أقلني، فقال:«إِن الإِسلام لا يقال» . فقال: إِني لم أُصِب في ديني هذا خيراً، أذهب بصري ومالي وولدي، فقال:«يا يهودي: إِن الإِسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والفضة والذهب» ، فنزلت هذه الآية، رواه عطية عن أبي سعيد الخدري.
قوله تعالى: عَلى حَرْفٍ قال مجاهد، وقتادة:«على شكٍّ» ، قال أبو عبيدة: كل شاكٍّ في شيء فهو على حرف لا يثبت ولا يدوم. وبيان هذا أن القائم على حرف الشيء غير متمكِّن منه فشبِّه به الشاكُّ، لأنه قّلِقٌ في دينه على غير ثبات، ويوضحه قوله تعالى: فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ أي: رخاءٌ وعافية اطْمَأَنَّ بِهِ على عبادة الله وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ اختبار بجدب وقلّة مال انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ أي: رجع عن دينه إِلى الكفر. والمعنى: انصرف إِلى وجهه الذي توجه منه، وهو الكفر، خَسِرَ الدُّنْيا حيث لم يظفر بما أراد منها، وَخسر الْآخِرَةَ بارتداده عن الدين. وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو مجلز، ومجاهد، وطلحة بن مصرف، وابن أبي عبلة، وزيد عن يعقوب:«خاسِرَ الدنيا» بألف قبل السين، وينصب الراء «والآخرة» بخفض التاء. يَدْعُوا هذا المرتدّ، أي: يعبد ما لا يَضُرُّهُ إِن لم يعبده ولا يَنْفَعُهُ إِن أطاعه ذلِكَ الذي فعل هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ عن الحقّ يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ قال بعضهم: اللام صلة، والمعنى: يدعو مَن ضره. وحكى الزجاج عن البصريين والكوفيين أن اللام معناها التأخير، والمعنى: يدعو مَنْ لضرِّه أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ، قال: وشرح هذا أنّ اللام لليمين والتّوكيد،
ضعيف ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦١٨ عن عطية العوفي عن أبي سعيد وعطية هو ابن سعد الكوفي، وهو ضعيف واه. وأخرجه ابن مردويه كما في «الدر» ٤/ ٦٢٤ من طريق عطية عن أبي سعيد به. وله شاهد من حديث جابر، أخرجه العقيلي ٣/ ٣٦٨، وفيه عنبسة بن سعيد، وهو ضعيف متروك. ثم إن السورة مكية في قول الجمهور، وأخبار يهود مدنية. وانظر «تفسير الشوكاني» ١٦٦٣ بتخريجي.