للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنبل، وقد نقل عن عليّ والحسن أيضاً. وهل يجوز الخلع دون السلطان؟ قال عمر وعثمان وعليّ وابن عمر وطاوس وشريح والزهري: يجوز، وهو قول جمهور العلماء. وقال الحسن وابن سيرين وقتادة: لا يجوز إلا عند السّلطان.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٠]]

فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)

قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ، ذكر مقاتل أن هذه الآية نزلت في تميمة بنت وهب بن عتيك النّضيريّ، وفي زوجها رفاعة بن عبد الرحمن القرظي.

(١١٨) وقال غير مقاتل: إنها عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك، كانت تحت رفاعة بن وهب بن عتيك وهو ابن عمها، فطلقها ثلاثاً، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزّبير، ثم طلّقها، فأتت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: إني كنت عند رفاعة، فطلقني، فأبتَّ طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنه طلقني قبل أن يمسني، أفأرجع إلى ابن عمي؟ فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» .

قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها، يعني: الزوج المطلق مرتين. قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: هي الطلقة الثالثة. واعلم أن الله تعالى عاد بهذه الآية بعد الكلام في حكم الخلع إلى تمام الكلام في الطلاق. قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها، يعني: الثاني فَلا جُناحَ عَلَيْهِما يعني: المرأة، والزوج الأول إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ، قال طاوس: ما فرض الله على كل واحد منهما من حسن العشرة والصحبة. قوله تعالى: وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها قراءة الجمهور (يبينها) بالياء. وقرأ الحسن ومجاهد، والمفضل عن عاصم بالنون لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، قال الزجاج: يعلمون أن أمر الله حقّ.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٣١]]

وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١)

قوله تعالى: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ، قال ابن عباس: كان الرجل يطلق امرأته، ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها، ثم يطلقها، يفعل ذلك يضارّها ويعضلها بذلك، فنزلت هذه الآية. والأجل هاهنا: زمان العدة. ومعنى البلوغ هاهنا: مقارنة الأجل دون حقيقة الانتهاء إليه، يقال: بلغت المدينة:

إذا قاربتها، وبلغتها: إذا دخلتها. وإنما حمل العلماء هذا البلوغ على المقاربة، لأنه ليس بعد انقضاء العدة رجعة. قوله تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة: المراد به الرجعة قبل انقضاء العدة. قوله تعالى: أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، وهو تركها حتى تنقضي عدّتها.


صحيح. أخرجه البخاري ٢٦٣٩ و ٢٧٩٢ و ٦٠٨٤ ومسلم ١٤٣٣ ح ١١١ و ١١٢ والترمذي ١١١٨ والنسائي ٦/ ٩٣ والدارمي ٢/ ١٦١ وابن ماجة ١٩٣٢ من حديث عائشة مع اختلاف يسير فيه.
وأخرجه أبو داود ٢٣٠٩ وأحمد ٦/ ٤٢ والنسائي ٦/ ١٤٦ وابن حبان ٤١٢٢ من وجه آخر عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>