للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنجم «١» ، ولا خلاف بينهم في الابتداء بضم الهمزة.

قوله تعالى: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ لفظه لفظ الواحد، والمراد به الجميع، وقد بيَّنَّا علة ذلك في أول البقرة «٢» والأفئدة: جمع فؤاد. قال الزجاج: مثل غراب وأغربة، ولم يجمع «فؤاد» على أكثر العدد، لم يقل فيه: «فئدان» مثل غُراب وغِربان. وقال أبو عبيدة: وإِنما جعل لهم السمع والأبصار والأفئدة قبل أن يخرجهم. غير أن العرب تقدِّم وتؤخِّر، وأنشد:

ضَخْمٌ تُعَلَّقُ أَشْنَاقُ الدِّيَات بِه ... إِذا المئون أُمِرَّتْ فَوْقَهُ حَمَلا «٣»

الشَّنَق: ما بين الفريضتين. والمئون أعظم من الشَّنَق، فبدأ بالأقل قبل الأعظم.

قال المفسرون: ومقصود الآية: أن الله تعالى أبان نعمه عليهم حيث أخرجهم جهّالاً بالأشياء، وخلق لهم الآلات التي يتوصلون بها إِلى العلم.

[[سورة النحل (١٦) : آية ٧٩]]

أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩)

قوله تعالى: مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ قال الزجاج: هو الهواء البعيد من الأرض.

قوله تعالى: ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ فيه قولان: أحدهما: ما يمسكهنَّ عند قبض أجنحتهن وبسطِها أن يَقَعْنَ على الأرض إِلا الله، قاله الأكثرون. والثاني: ما يُمسكهنَّ أن يرسِلن الحجارة على شرار هذه الأمة، كما فُعِلَ بغيرهم، إلّا الله، قاله ابن السّائب.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٨٠ الى ٨٣]

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٨٠) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (٨٣)

قوله تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً أي: موضعا تسكنون فيه، وفي المساكن المتَّخَذة من الحجر والمدر تستر العورات والحُرَم، وذلك أن الله تعالى خلق الخشب والمدر والآلة التي بها يمكن بناء البيت وتسقيفه، وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً وهي القباب والخيم المتخذة من الأدم تَسْتَخِفُّونَها أي: يخفُّ عليكم حملها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو «ظَعَنِكُم» بفتح العين. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي بتسكين العين، وهما لغتان، كالشَّعَر والشَّعْر، والنَّهَرِ والنَّهْرِ، والمعنى: إِذا سافرتم، وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ أي: لا تثقل عليكم في الحالين وَمِنْ أَصْوافِها يعني:

الضأن وَأَوْبارِها يعني: الإِبل وَأَشْعارِها يعني: المعز أَثاثاً قال الفراء: الأثاث: المتاع، لا


(١) سورة النجم: ٣٢. [.....]
(٢) سورة البقرة: ٧.
(٣) البيت للأخطل كما في «ديوانه» ١٤٣، وذكره في «اللسان» مادة «شنق» وعنده «قرم» بدل «ضخم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>