للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة ابراهيم]

وهي مكيّة من غير خلاف علمناه بينهم، إلّا ما روي عن ابن عباس، وقتادة أنهما قالا: سوى آيتين منها، وهما قوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً والتي بعدها «١» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢)

قوله تعالى: الر قد سبق بيانه. وقوله: كِتابٌ قال الزجاج: المعنى: هذا كتاب، والكتاب: القرآن. وفي المراد بالظلمات والنور ثلاثة أقوال: أحدها: أن الظلمات: الكفر. والنور:

الإِيمان، رواه العوفي عن ابن عباس. والثاني: أن الظلمات: الضلالة. والنور: الهدى، قاله مجاهد، وقتادة. والثالث: أن الظلمات: الشكُّ. والنور: اليقين، ذكره الماوردي. وفي قوله: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ثلاثة أقوال: أحدها: بأمر ربهم، قاله مقاتل. والثاني: بتوفيق ربهم، قاله أبو سليمان. والثالث: أنه الإِذن نفسه، فالمعنى: بما أَذِن لك من تعليمهم، قاله الزجاج، قال: ثم بيَّن ما النُّور، فقال: إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ قال ابن الأنباري: وهذا مِثْلُ قول العرب: جلست إِلى زيد، إِلى العاقل الفاضل، وإِنما تُعاد «إِلى» بمعنى التعظيم للأمر، قال الشاعر «٢» :

إِذَا خَدِرَتْ رِجْلي تَذَكّرْتُ مَنْ لَهَا ... فَنَادَيْتُ لُبْنَى بِاسْمِهَا وَدَعَوْتُ

دَعَوْتُ الَّتِي لَوَ أَنَّ نَفْسِي تُطِيعُنِي ... لأَلْقَيْتُها من حُبِّها وقضَيتُ

فأعاد «دعوت» لتفخيم الأمر.

قوله تعالى: اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «الحميدِ اللهِ» على البدل. وقرأ نافع، وابن عامر، وأبان، والمفضَّل: «الحميدِ. اللهُ» رفعاً على الاستئناف، وقد سبق بيان ألفاظ الآية.


(١) سورة إبراهيم: ٢٨- ٢٩.
(٢) البيتان لقيس لبنى كما في ديوانه: ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>