للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس، والحسن، والفراء، وثعلب، والزجاج. والثاني: ما وصفوه حقّ صفته، قاله أبو العالية، واختاره الخليل. والثالث: ما عرفوه حق معرفته، قاله أبو عبيدة.

قوله تعالى: «يجعلونه قراطيس» معناه: يكتبونه في قراطيس. وقيل: إنما قال: قراطيس، لأنهم كانوا يكتبونه في قراطيس مقطَّعة، حتى لا تكون مجموعة، ليخفوا منها ما شاؤوا.

قوله تعالى: «يبدونها» قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «يجعلونه قراطيس يبدونها» و «يخفون» بالياء فيهن. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: بالتاء فيهن. فمن قرأ بالياء، فلأن القوم غُيّب، بدليل قوله تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ. ومن قرأ بالتاء، فعلى الخطاب والمعنى: تبدون منها ما تحبون، وتخفون كثيراً، مثل صفة محمّد صلى الله عليه وسلم، وآية الرجم، ونحو ذلك مما كتموه.

قوله تعالى: وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ في المخاطب بهذا قولان:

أحدهما: أنهم اليهود، قاله الجمهور. والثاني: أنه خطاب للمسلمين، قاله مجاهد. فعلى الأول:

عُلِّموا ما في التوراة وعلى الثاني: عُلِّموا على لسان محمّد صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: قُلِ اللَّهُ هذا جواب لقوله: مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ وتقديره: فإن أجابوك، وإلا فقل:

الله أنزله.

قوله تعالى: ثُمَّ ذَرْهُمْ تهديد. وخوضهم: باطلهم. وقيل: إن هذا أمر بالإعراض عنهم، ثم نسخ بآية السيف.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٩٢]]

وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢)

قوله تعالى: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ يعني القرآن. قال الزجاج: والمبارك: الذي يأتي من قِبَله الخير الكثير. والمعنى: أنزلناه للبركة والإنذار.

قوله تعالى: مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتاب.

قوله تعالى: وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى قرأ عاصم إلا حفصا: «ولينذر» بالياء فيكون الكتاب هو المنذر.

وقرأ الباقون: بالتاء، على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. فأما أم القرى، فهي مكة. قال الزجاج: والمعنى: لتنذر أهل أم القرى. وفي تسميتها بأم القرى أربعة أقوال: أحدها: أنها سميت بذلك، لأن الأرض دُحيت من تحتها، قاله ابن عباس. والثاني: لأنها أقدمُها، قاله ابن قتيبة. والثالث: لأنها قبلة جميع الناس، يَؤُمُّونها. والرابع: لأنها كانت أعظم القرى شأناً، ذكرهما الزجاج.

قوله تعالى: وَمَنْ حَوْلَها قال ابن عباس: يريد الأرض كلها.

قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ في هاء الكناية قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى القرآن. والثاني: إلى النبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم. والمعنى: من آمن بالآخرة آمن به ومن لم يؤمن به، فليس إيمانه بالآخرة حقيقة، ولا يعتد به، ألا ترى إلى قوله: وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ فدل على أنه أراد المؤمنين الذين يحافظون على الصّلوات.

<<  <  ج: ص:  >  >>