[سورة الحجر]
وهي مكّيّة كلّها من غير خلاف نعلمه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[[سورة الحجر (١٥) : آية ١]]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١)
قوله تعالى: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ قد سبق بيانه. قوله تعالى: وَقُرْآنٍ مُبِينٍ فيه قولان:
أحدهما: أن القرآن: هو الكتاب، جُمع له بين الاسمين. والثاني: أن الكتاب: هو التوراة والإِنجيل، والقرآن: كتابُنا. وقد ذكرنا في أول يوسف معنى المبين.
[[سورة الحجر (١٥) : آية ٢]]
رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢)
قوله تعالى: رُبَما وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي «رُبَّما» مشددة.
وقرأ نافع، وعاصم، وعبد الوارث «رُبَما» بالتخفيف. قال الفراء: أسَد وتميم يقولون: «رُبَّما» بالتشديد، وأهل الحجاز وكثير من قيس يقولون: «رُبَما» بالتخفيف. قال الفراء: أسَد وتميم يقولون: «رُبَّما» بالتشديد، وأهل الحجاز وكثير من قيس يقولون: «رُبَما» بالتخفيف. وتَيْم الرّباب يقولون: «رَبَّما» بفتح الراء.
وقيل: إِنما قرئت بالتخفيف، لِما فيها من التضعيف، والحروف المضاعَفة قد تحذف، نحو «إِنّ» و «لكنّ» فإنهم قد خفَّفوها. قال الزجاج: يقولون: رُبَّ رُجل جاءني، ورُبَ رُجل جاءني، وأنشد:
أزهير إِن يَشِبِ القَذالُ فإنني ... رُبَ هَيْضَلٍ مَرْسٍ لفَفْت بِهَيضَلِ «١»
هذا البيت لأبي كبير الهذلي، وفي ديوانه:
رُبَ هَيْضَلٍ لِجَبٍ لفَفْتُ بِهَيْضَلِ والهَيْضَل: جمع هَيْضلة، وهي الجماعة يغرى بهم، يقول لففتهم بأعدائهم في القتال.
و «رُبَّ» كلمة موضوعة للتقليل، كما أن «كم» للتكثير، وإِنما زيدت «ما» مع «رُبَّ» ليليَها الفعل، تقول: رُبَّ رجل جاءني، وربما جاءني زيد. وقال الأخفش: أُدخل مع «رُبَّ» ما، ليُتكلم بالفعل بعدها، وإِن شئت جعلت «ما» بمنزلة «شيء» ، فكأنك قلت: رُبَّ شيء، أي: رُبَّ وَدٍّ يَوَدُّه الذين كفروا. وقال أبو سليمان الدّمشقي: «ما» ها هنا بمعنى «حين» ، فالمعنى: رُبَّ حين يَوَدُّون فيه. واختلف المفسرون متى يقع هذا من الكفار، على قولين:
أحدهما: أنه في الآخرة. ومتى يكون ذلك؟ فيه أربعة أقوال:
(١) «ديوان الهذليين» ٢/ ٨٩. والقذال: جماع مؤخر الرأس، معقد العذار من الفرس خلف الناصية.