للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتى قلنا: إنها محمولة على الزكاة المفروضة كما قال مجاهد، أو على الصدقة المندوب إليها، فهي محكمة.

قوله تعالى: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ، قال الزجاج: إنما قال كذلك، وهو يخاطب جماعة، لأن الجماعة معناها: القبيل، كأنه قال: كذلك يا أيها القبيل. وجائز أن تكون الكاف للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كأنه قال:

كذلك يا أيّها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لأن الخطاب له مشتمل على خطاب أمته. وقال ابن الأنباري: الكاف في «كذلك» إشارة إلى ما بيَّن من الإنفاق، فكأنه قال: مثل ذلك الذي بينه لكم في الإنفاق يبيّن الآيات.

ويجوز أن يكون «كذلك» غير إشارة إلى ما قبله، فيكون معناه: هكذا، قاله ابن عباس. لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ في الدنيا والآخرة فتعرفون فضل ما بينهما، فتعملون للباقي منهما.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٢٠]]

فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠)

قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى، في سبب نزولها قولان:

(١٠١) أحدهما: أنه لما أنزل الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

«١» ، وإِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً «٢» ، انطلق من كان عنده مال يتيم، فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، وجعل يفضل الشيء من طعامِه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد. فاشتد ذلك عليهم، فذكروه للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن عباس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومقاتل.

(١٠٢) والثاني: أن العرب كانوا يشددون في أمر اليتيم حتى لا يأكلون معه في قصعته، ولا يستخدمون له خادما، فسألوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن مخالطتهم، فنزلت هذه الآية، ذكره السدي عن أشياخه، وهو قول الضحاك.

وفي السائلين للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك قولان: أحدهما: أن الذي سأله ثابت بن رفاعة الأنصاري، قاله مقاتل. والثاني: عبد الله بن رواحة، قاله أبو سليمان الدمشقي.

قوله تعالى: قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، قال ابن قتيبة: معناه: تثمير أموالهم، والتنزه عن أكلها لمن وليها خير. وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ، أي: فهم إخوانكم، حُكمهم في ذلك حكم إخوانكم. قال ابن عباس: والمخالطة: أن يشرب من لبنك، وتشرب من لبنه، ويأكل في قصعتك، وتأكل في قصعته.


حسن. أخرجه أبو داود ٢٨٧١ والنسائي ٦/ ٢٥٦ والحاكم ٢/ ٢٧٨ والطبري ٤١٨٦ والواحدي ١٣٤ عن ابن عباس. وإسناده حسن بشواهده لأجل عطاء بن السائب، فقد اختلط. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
- وله شاهد من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى: أخرجه الطبري ٤١٨٨. وله شاهد من مرسل قتادة: أخرجه الطبري ٤١٨٩. وله شاهد من مرسل الربيع بن أنس: أخرجه برقم ٤١٩١.
حسن. أخرجه الطبري ٤١٩٨ عن السّدي مرسلا وأخرجه الطبري ٤٢٠٠ عن الضحاك مرسلا أيضا. وأخرجه ٤١٩٣ عن الشعبي مرسلا. وأخرجه ٤١٩٥ عن عطاء مرسلا، فهذا خبر حسن بشواهده، وهو يشهد لما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>