للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عزّ وجلّ: وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ إنما قال: «جمع» لتذكير القمر، هذا قول أبي عبيدة. وقال الفراء: إنما لم يقل: جُمِعَتْ، لأن المعنى: جمع بينهما وفي معنى الآية قولان:

أحدهما: جمع بين ذاتَيْهما. وقال ابن مسعود: جمعا كالبعيرين القرينين. وقال عطاء بن يسار:

يُجْمَعَان ثم يُقْذَفَان في البحر. وقيل: يُقْذَفَان في النار. وقيل: يجمعان، فيطلعان من المغرب. والثاني:

جمع بينهما في ذهاب نورهما، قاله الفراء، والزجاج.

قوله عزّ وجلّ: يَقُولُ الْإِنْسانُ يعني: المكذِّب بيوم القيامة أَيْنَ الْمَفَرُّ قرأ الجمهور بفتح الميم، والفاء، وقرأ ابن عباس، ومعاوية، وأبو رزين وأبو عبد الرحمن، والحسن، وعكرمة، والضّحّاك والزّهريّ، وابن يعمر، وابن أبي عبلة: بكسر الفاء. قال الزجاج: فمن فتح، فالمعنى: أين الفرار؟ ومن كسر، فالمعنى: أين مكان الفرار؟ تقول: جلست مجلَساً بالفتح، يعني: جلوساً. فإذا قلت: مجلسا بالكسر. فأنت تريد المكان.

قوله عزّ وجلّ: كَلَّا لا وَزَرَ قال ابن قتيبة: لا ملجأ. وأصل الوزر: الجبل الذي يمتنع فيه إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ

أي: المنتهى والمرجع. يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ

فيه ستة أقوال: أحدها: بما قدَّم قبل موته، وما سنَّ من شيء فعُمِل به بعد موته، قاله ابن مسعود، وابن عباس. والثاني: يُنَبَّأُ بأوَّل عمله وآخره. قاله مجاهد. والثالث: بما قدَّم من الشَّرِّ، وأخَّر من الخير. قاله عكرمة. والرابع: بما قدَّم من فرض، وأخَّر من فرض، قاله الضحاك. والخامس: بما قدَّم من المعصية، وأخّر من الطاعة.

والسادس: بما قدَّم من أمواله، وما خلَّف للورثة قاله زيد بن أسلم. قوله عزّ وجلّ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

قال الفراء: المعنى: بل على الإنسان من نفسه بصيرة، أي رقباء يشهدون عليه بعمله، وهي:

الجوارح. قال ابن قتيبة: فلما كانت جوارحه منه، أقامها مقامه. وقال أبو عبيدة: جاءت الهاء في «بصيرة» في صفة الذّكر، كما كانت في: رجل راوية، وطاغية، وعلّامة.

قوله عزّ وجلّ: وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ.

وفي المعاذير قولان: أحدهما: أنه جمع عذر، فالمعنى: لو اعتذر، وجادل عن نفسه، فعليه من يكذَّب عذره، وهي: الجوارح، وهذا قول الأكثرين. والثاني: أن المعاذير جمع معذار، وهو: الستر.

والمعاذير: الستور. فالمعنى: ولو أرخى ستوره، هذا قول الضحاك، والسدي، والزجاج. فيخرج في معنى «ألقى» قولان: أحدهما: قال، ومنه: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ «١» ، وهذا على القول الأول.

والثاني: أرخى، وهذا على القول الثاني.

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١٦ الى ٢٥]

لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩) كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠)

وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)

قوله عزّ وجلّ: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ


(١) النحل: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>