(٢) قال الطبري في «تفسيره» ٥/ ١٨٨: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن كل دابة وطائر محشور إليه، وجائز أن يكون معنيا بذلك حشر القيامة، وجائز أن يكون معنيا به حشر الموت، وجائز أن يكون معنيا به الحشرات جميعا، ولا دلالة في ظاهر التنزيل، ولا في خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أي ذلك المراد بقوله ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ إذ كان (الحشر) في كلام العرب الجمع، من ذلك قول الله تعالى ذكره جامعا خلقه إليه يوم القيامة، وجامعهم بالموت، كان أصوب القول في ذلك أن يعم بمعنى الآية ما عمه الله بظاهرها. وأن يقال: كل دابة وكل طائر محشور إلى الله بعد الفناء وبعد بعث القيامة، إذ كان الله تعالى ذكره قد عم بقوله: «ثم إلى ربهم يحشرون» ولم يخصص به حشر دون حشر. فإن قال قائل: فما وجه قوله وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بجناحيه وهل يطير الطائر إلا بجناحيه فما في الخبر عن طيرانه بالجناحين من الفائدة؟ قيل: قد قدمنا القول فيما مضى أن الله تعالى ذكره أنزل هذا الكتاب بلسان قوم، وبلغاتهم وما يتعارفونه بينهم ويستعملونه في منطقهم خاطبهم. فإذا كان من كلامهم إذا أرادوا المبالغة في الكلام أن يقولوا: (كلمت فلانا بفمي) ، و (مشيت إليه برجلي) و (ضربته بيدي) خاطبهم الله تعالى بنظير ما يتعارفونه في كلامهم، ويستعملونه في خطابهم، ومن ذلك قوله تعالى ذكره: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً [ص: ٢٣] .