والأعمش:«جُبُلًّا» بضم الجيم والباء مع تشديد اللام. وقرأ عبد الله بن عمرو، وابن السميفع:«جِبْلاً» بكسر الجيم وسكون الباء وتخفيف اللام. وقرأ سعيد بن جبير، وأبو المتوكل، ومعاذ القارئ:«جُبَلاً» برفع الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو العالية: وابن يعمر: «جِبَلاً» بكسر الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو عمران الجوني، وعمرو بن دينار:«جِبَالاً» مكسورة الجيم مفتوحة الباء وبألف. ومعنى الكلمة كيف تصرَّفت في هذه اللغات: الخَلْق والجماعة فالمعنى: ولقد أضلَّ منكم خَلْقاً كثيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ فالمعنى: قد رأيتم آثار الهالكين قبلكم بطاعة الشيطان، أفلم تعقلوا ذلك؟! وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رجاء، ومجاهد، وابن يعمر:
«أفلم يكونوا يعقلون» بالياء فيهما، فإذا أُدْنُوا إلى جهنم قيل لهم: هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ بها في الدنيا اصْلَوْهَا أي: قاسُوا حَرَّها.
قوله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء:«يُخْتَمُ» بياء مضمومة وفتح التاء وَتُكَلِّمُنا قرأ ابن مسعود: «ولتكلّمنا» بزيادة لام مكسورة وفتح الميم وواو قبل اللام. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وابن أبي عبلة:«لِتُكَلِّمَنا» بلام مكسورة من غير واو قبلها وبنصب الميم وقرءوا جميعا:
«ولِتَشْهَدَ أرجُلُهم» بلام مكسورة وبنصب الدال. ومعنى «نَخْتِمُ» : نَطبع عليها، وقيل: منعُها من الكلام هو الختم عليها، وفي سبب ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنهم لمّا قالوا: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «١» ختم الله على أفواههم ونطقت جوارحهُم، قاله أبو موسى الأشعري. والثاني: ليَعلموا أن أعضاءهم التي كانت أعواناً لهم على المعاصي صارت شهوداً عليهم. والثالث: ليعرفهم أهل الموقف، فتميّزوا منهم بذلك. والرابع: لأن إِقرار الجوارح أبلغ في الإِقرار من نُطْق اللسان، ذكرهنّ الماوردي. فإن قيل: ما الحكمة في تسمية نُطق اليد كلاماً ونطقِ الرِّجْل شهادةً؟ فالجواب: أن اليد كانت مباشِرة والرِّجل حاضرة، وقول الحاضر على غيره شهادة بما رأى، وقول الفاعل على نفسه إقرار بما فعل.
قوله تعالى: وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ولو نشاء لأذهبْنا أعيُنَهم حتى لا يبدوَ لها شَقٌّ ولا جَفْن. والمطموس: الذي لا يكون بين جفنيه شَقّ، فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ أي:
فتبادروا إلى الطريق فَأَنَّى يُبْصِرُونَ أي: فكيف يُبْصِرون وقد أعمينا أعيُنَهم؟! وقرأ أبو بكر الصِّدِّيق، وعروة بن الزبير، وأبو رجاء:«فاستَبِقوا» بكسر الباء «فأنَّى تًُبْصِرونَ» بالتاء. وهذا تهديد لأهل مكة، وهو قول الأكثرين. والثاني: ولو نشاء لأضلَلْناهم وأعميناهم عن الهُدى، فأنّى يُبصِرون الحقَّ؟ رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: ولو نشاء لفقأْنا أعيُنَ ضلالَتهم وأعميناهم عن غَيِّهم وحوَّلْنا أبصارهم من الضلالة إلى الهُدى فأبصروا رشدهم، فأنّى يبصرون ولم أفعل ذلك بهم؟! حكي عن جماعة منهم مقاتل.