للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأعمش: «جُبُلًّا» بضم الجيم والباء مع تشديد اللام. وقرأ عبد الله بن عمرو، وابن السميفع: «جِبْلاً» بكسر الجيم وسكون الباء وتخفيف اللام. وقرأ سعيد بن جبير، وأبو المتوكل، ومعاذ القارئ: «جُبَلاً» برفع الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو العالية: وابن يعمر: «جِبَلاً» بكسر الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو عمران الجوني، وعمرو بن دينار: «جِبَالاً» مكسورة الجيم مفتوحة الباء وبألف. ومعنى الكلمة كيف تصرَّفت في هذه اللغات: الخَلْق والجماعة فالمعنى: ولقد أضلَّ منكم خَلْقاً كثيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ فالمعنى: قد رأيتم آثار الهالكين قبلكم بطاعة الشيطان، أفلم تعقلوا ذلك؟! وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رجاء، ومجاهد، وابن يعمر:

«أفلم يكونوا يعقلون» بالياء فيهما، فإذا أُدْنُوا إلى جهنم قيل لهم: هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ بها في الدنيا اصْلَوْهَا أي: قاسُوا حَرَّها.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٦٥ الى ٦٨]

الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦) وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨)

قوله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء: «يُخْتَمُ» بياء مضمومة وفتح التاء وَتُكَلِّمُنا قرأ ابن مسعود: «ولتكلّمنا» بزيادة لام مكسورة وفتح الميم وواو قبل اللام. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وابن أبي عبلة: «لِتُكَلِّمَنا» بلام مكسورة من غير واو قبلها وبنصب الميم وقرءوا جميعا:

«ولِتَشْهَدَ أرجُلُهم» بلام مكسورة وبنصب الدال. ومعنى «نَخْتِمُ» : نَطبع عليها، وقيل: منعُها من الكلام هو الختم عليها، وفي سبب ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنهم لمّا قالوا: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «١» ختم الله على أفواههم ونطقت جوارحهُم، قاله أبو موسى الأشعري. والثاني: ليَعلموا أن أعضاءهم التي كانت أعواناً لهم على المعاصي صارت شهوداً عليهم. والثالث: ليعرفهم أهل الموقف، فتميّزوا منهم بذلك. والرابع: لأن إِقرار الجوارح أبلغ في الإِقرار من نُطْق اللسان، ذكرهنّ الماوردي. فإن قيل: ما الحكمة في تسمية نُطق اليد كلاماً ونطقِ الرِّجْل شهادةً؟ فالجواب: أن اليد كانت مباشِرة والرِّجل حاضرة، وقول الحاضر على غيره شهادة بما رأى، وقول الفاعل على نفسه إقرار بما فعل.

قوله تعالى: وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ولو نشاء لأذهبْنا أعيُنَهم حتى لا يبدوَ لها شَقٌّ ولا جَفْن. والمطموس: الذي لا يكون بين جفنيه شَقّ، فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ أي:

فتبادروا إلى الطريق فَأَنَّى يُبْصِرُونَ أي: فكيف يُبْصِرون وقد أعمينا أعيُنَهم؟! وقرأ أبو بكر الصِّدِّيق، وعروة بن الزبير، وأبو رجاء: «فاستَبِقوا» بكسر الباء «فأنَّى تًُبْصِرونَ» بالتاء. وهذا تهديد لأهل مكة، وهو قول الأكثرين. والثاني: ولو نشاء لأضلَلْناهم وأعميناهم عن الهُدى، فأنّى يُبصِرون الحقَّ؟ رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: ولو نشاء لفقأْنا أعيُنَ ضلالَتهم وأعميناهم عن غَيِّهم وحوَّلْنا أبصارهم من الضلالة إلى الهُدى فأبصروا رشدهم، فأنّى يبصرون ولم أفعل ذلك بهم؟! حكي عن جماعة منهم مقاتل.


(١) الأنعام: ٢٣. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>