للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذن واعية أي أُذُنٌ تحفظُ ما سمعَتْ، وتعمل به. وقال الفراء: لتحفظها كل أُذُن، فتكون عظة لمن يأتي بعده.

[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ١٣ الى ٣٧]

فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (١٧)

يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (٢٢)

قُطُوفُها دانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (٢٤) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧)

ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢)

إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (٣٧)

قوله عزّ وجلّ: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ وفيها قولان: أحدهما: أنها النفخة الأولى، قاله عطاء. والثاني: الأخيرة، قاله ابن السّائب، ومقاتل. قوله: وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ أي: حملت الأرض والجبال وما فيها فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً أي: كسرتا، ودقَّتا دقَّةً واحدة، لا يثنى عليها حتى تستوي بما عليها من شيءٍ، فتصير كالأديم الممدود. وقد أشرنا إلى هذا المعنى في الأعراف عند قوله عزّ وجلّ:

جَعَلَهُ دَكًّا «١» . قال الفراء: وإنما قال: فدكتا، ولم يَقُل: فَدُكِكْنَ، لأنه جعل الجبال كالشيء الواحد، كقوله عزّ وجلّ: أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً «٢» وانشدوا:

هُمَا سَيِّدَانَا يَزْعُمانِ وَإنَّما ... يَسُودَانِنَا أَنْ يَسَّرَتْ غَنَماهُما «٣»

والعرب تقول: قد يسرت الغنم: إذا ولدت، أو تهيّأت للولادة.

قوله عزّ وجلّ: فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ أي: قامت القيامة وَانْشَقَّتِ السَّماءُ لنزول من فيها من الملائكة فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ فيه قولان: أحدهما: أن وَهْيَها: ضَعْفُها وتمزُّقْها من الخوف، قاله مقاتل.

والثاني: أنه تشققها، قاله الفراء: وَالْمَلَكُ يعني: الملائكة، فهو اسم جنس عَلى أَرْجائِها أي: على جوانبها. قال الزجاج: ورجاء كل شيء: ناحيته، مقصور. والتثنية: رجوان، والجمع: أرجاء. وأكثر المفسرين على أن المشار إليها السماء. قال الضحاك: إذا انشقت السماء كانت الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الله تعالى، فينزلون إلى الأرض، فيحيطون بها، ومن عليها. وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: على أرجاء الدنيا.

قوله عز وجل: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ فيه ثلاثة أقوال «٤» : أحدها: فوق رؤوسهم، أي: العرش


(١) الأعراف: ١٤٣.
(٢) الأنبياء: ٣٠.
(٣) البيت لأبي أسيدة الدبيري، كما في «اللسان» يسبر-.
(٤) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ٤٨٩: أي يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة ويحتمل أن يكون المراد بهذا العرش، العرش العظيم، أو العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء، والله أعلم بالصواب اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>