للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا، فقال الأوسط: وأنا والله، فقال الأكبر: وأنا والله، فأتوا برصيصا، فسألوه عنها، فقال: قد أعلمتكم بحالها، فكأنكم اتّهمتموني، فقالوا: لا والله واستحيَوْا، وانصرفوا، فجاءهم الشيطان فقال:

ويحكم إنها لمدفونة في موضع كذا وكذا، وإن إِزارها لخارج من التراب، فانطلقوا، فحفروا عنها، فرأوها، فقالوا: يا عدوَّ الله لم قتلتها؟ اهبط، فهدموا صومعته، ثم أوثقوه، وجعلوا في عنقه حبلاً، ثم قادوه إلى الملك فأقرّ على نفسه، وذلك أنّ الشيطان عرض له، فقال: تقتلها ثم تكابر، فاعترف، فأمر الملك بِقَتْلِهِ وصَلْبِهِ، فعرض له الأبيض، فقال: أتعرفني؟ قال: لا، قال: أنا صاحبك الذي علَّمتك الدعوات، ويحك ما اتَّقيت الله في أمانة خنت أهلها، أما استحيَيْتَ من الله؟! ألم يكفك ذلك حتى أقررت ففضحت نفسك وأشباهك بين الناس؟! فإن مِتَّ على هذه الحالة لم تفلح، ولا أحدٌ من نظرائك، قال: فكيف أصنع؟ قال: تطيعني في خصلة حتى أُنجيك، وآخذ بأعينهم، وأُخرجك من مكانك، قال: ما هي؟ قال: تسجد لي، فسجد له، فقال: هذا الذي أردت منك، صارت عاقبة أمرك أن كفرت إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ثم قتل. فضرب الله هذا المثل لليهود حتى غرّهم المنافقون، ثم أسلموهم «١» .

قوله عزّ وجلّ: إِنِّي أَخافُ اللَّهَ ونصب ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو ياء «إِنيَ» وأسكنها الباقون. وقد بيَّنا المعنى في الأنفال «٢» فَكانَ عاقِبَتَهُما يعني: الشيطان وذلك الكافر.

[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ١٨ الى ٢٠]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩) لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠)

قوله عزّ وجلّ: وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ أي: لينظر أحدكم أيّ شيء قدّم؟ عملا صالحا ينجيه؟ أم شيئا يُوبِقُه؟ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ أي: تركوا أمره فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أي: أنساهم حظوظ أنفسهم- فلم يعملوا بالطاعة، ولم يقدِّموا خيراً. قال ابن عباس: يريد قريظة، والنضير، وبني قينقاع.

[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ٢١ الى ٢٤]

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (٢٢) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)


(١) ورد عن ابن عباس موقوفا: أخرجه الطبري ٣٣٩٠٤ وإسناده واه، فيه مجاهيل: وعطية العوفي واه. وورد عن علي، أخرجه الطبري ٣٣٩٠٢ وإسناده حسن. وورد عن ابن مسعود، أخرجه الطبري ٣٣٩٠٣ وإسناده ضعيف. وورد من وجوه متعددة، ومصدر ذلك كله كتب الأقدمين، والله تعالى أعلم.
(٢) الأنفال: ٤٨. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>