للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن المعنى: إلاّ أن تَوَدَّدوا إلى الله تعالى فيما يقرِّبكم إليه من العمل الصالح، قاله الحسن، وقتادة. والرابع: إلاّ أن تَوَدُّوني، كما تَوَدُّون قرابتَكم، قاله ابن زيد. والخامس: إلاّ أن تَوَدُّوا قرابتَكم وتصِلوا أرحامَكم، حكاه الماوردي. والأول: أصح.

قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتَرِفْ أي: مَنْ يَكْتَسِبْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً أي: نُضاعفْها بالواحدة عشراً فصاعداً. وقرأ ابن السميفع، وابن يعمر، والجحدري: «يَزِدْ له» بالياء إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ للذُّنوب شَكُورٌ للقليل حتى يضاعفَه. أَمْ يَقُولُونَ أي: بل يقول كفار مكة افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً حين زعم أن القرآن من عند الله! فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ فيه قولان: أحدهما: يَخْتِم على قلبك فيُنسيك القرآن، قاله قتادة. والثاني: يَرْبِط على قلبك بالصبر على أذاهم فلا يَشُقّ عليك قولهم: إنك مفترٍ، قاله مقاتل، والزجاج. قوله تعالى: وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ قال الفراء: ليس بمردود على «يَخْتِمْ» فيكونَ جزماً، وإنما هو مستأنَف، ومثله ممّا حُذفتْ منه الواو وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ «١» . وقال الكسائي: فيه تقديم وتأخير.

تقديره: والله يمحو الباطل. وقال الزجاج: الوقف عليها «ويمحوا» بواو وألف والمعنى: واللهُ يمحو الباطل على كل حالٍ، غير أنها كُتبتْ في المصاحف بغير واو، لأن الواو تسقط في اللفظ لالتقاء الساكنين، فكُتبتْ على الوصل، ولفظ الواو ثابت والمعنى: ويمحو اللهُ الشِّرك ويُحِقُّ الحق بما أنزله من كتابه على لسان نبيِّه صلّى الله عليه وسلّم.

[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٢٥ الى ٢٧]

وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧)

قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ قد ذكرناه في براءة «٢» .

قوله تعالى: وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ أي: من خير وشرّ. قرأ حمزة والكسائي، وحفص عن عاصم بالتاء، وقرأ الباقون بالياء، على الإِخبار عن المشركين والتهديد لهم. و «يَسْتَجِيبُ» بمعنى يُجيب، وفيه قولان: أحدهما: أن الفعل فيه لله، والمعنى: يُجيبهم إذا سألوه وقد روى قتادة عن أبي إبراهيم اللخمي وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا قال: يُشَفَّعون في إِخوانهم وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال: يُشَفَّعون في إِخوان إِخوانهم. والثاني: أنه للمؤمنين فالمعنى: يجيبونه. والأول أصح. قوله تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ.

(١٢٥٠) قال خبّاب بن الأرتّ: فينا نزلت هذه الآية، وذلك أنّا نَظَرْنا إلى أموال بني قريظة والنَّضير فتمنَّيناها، فنزلت هذه الآية.


ذكره الواحدي في «الأسباب» ٧٣٧ عن خباب بدون إسناد فلا يحتج به، ولا يصح فالسورة مكية، والخبر مدني. وانظر «تفسير القرطبي» ٥٤٠٠ بتخريجنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>