للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ قال ابن قتيبة: المعنى: اصنع لي الآجُرّ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً أي: قصراً عالياً. وقال الزجاج: الصَّرْح: كلُّ بناءٍ متَّسع مرتفع. وجاء في التفسير أنَّه لمَّا أمر هامان- وهو وزيره- ببناء الصَّرْح، جمع العمَّال والفَعَلة حتى اجتمع خمسون ألف بنَّاء سوى الأتباع، فرفعوه وشيَّدوه حتى ارتفع ارتفاعاً لم يبلغه بنيان أحد قَطٌّ، فلمَّا تمَّ ارتقى فرعون فوقه، وأمر بنُشَّابَةٍ فرمى بها نحو السماء، فرُدَّت وهي متلطِّخة بالدَّم، فقال: قد قتلتُ إِله موسى، فبعث الله تعالى جبريلَ فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع، فوقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلتْ ألف ألف رجل، ووقعت أخرى في البحر، وأخرى في المغرب «١» .

قوله تعالى: لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى أي: أصعد إِليه وأُشْرِفُ عليه وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ يعني موسى مِنَ الْكاذِبِينَ في ادِّعائه إِلهاً غيري. وقال ابن جرير: المعنى: أظنُّ موسى كاذباً في ادِّعائه أنَّ في السماء ربّاً أرسله. وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ يعني أرض مصر بِغَيْرِ الْحَقِّ أي: بالباطل والظُّلم وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ بالبعث للجزاء. قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر:

«يُرْجَعون» برفع الياء وقرأ نافع وحمزة والكسائي: بفتحها.

قوله تعالى: وَجَعَلْناهُمْ أي: في الدنيا أَئِمَّةً أي: قادة في الكفر يأتمُّ بهم العتاة يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ لأن من أطاعهم دخلها و «ينصرون» بمعنى: يُمْنَعون من العذاب. وما بعد هذا مفسر في هود «٢» . قوله تعالى: مِنَ الْمَقْبُوحِينَ أي: من المُبعَدين الملعونين قال أبو زيد: يقال: قَبَحَ اللهُ فلاناً، أي: أبعده من كل خير. وقال ابن جريج: معنى الآية: وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنةً ويوم القيامة لعنةً أخرى، ثم استقبل الكلام، فقال: هم من المقبوحين.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٣ الى ٤٧]

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣) وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤) وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٤٥) وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦) وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)

قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى يعني قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم بَصائِرَ لِلنَّاسِ أي: ليتبصّروا به ويهتدوا.


(١) هذا الأثر من الإسرائيليات ولا حجة فيه، ذكره البغوي ٣/ ٣٨٣ بقوله: قال أهل السير.
(٢) هود: ٦٠- ٩٩. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>