للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَلَمَّا بَرَزُوا، أي: صاروا بالبراز من الأرض، وهو ما ظهر واستوى. وأَفْرِغْ بمعنى: اصبب وَثَبِّتْ أَقْدامَنا أي: قوِّ قلوبنا لتثبيت أقدامنا، وإنما تثبت الأقدام عند قوة القلوب. قال مقاتل: كان جالوت وجنوده يعبدون الأوثان.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٥١]]

فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١)

قوله تعالى: فَهَزَمُوهُمْ أي: كسروهم وردوهم، قال الزجاج: أصل الهزم في اللغة: كسر الشيء، وثني بعضه على بعض، يقال: سقاء منهزم ومهزم إذا كان بعضه قد ثني على بعض مع جفاف، وقصب منهزم: قد كسر وشقق، والعرب تقول: هزمت على زيد، أي: عطفت عليه. قال الشاعر:

هزمت عليك اليوم يا ابنة مالك ... فجودي علينا بالنوال وأنعمي

ويقال: سمعت هزمة الرعد، قال الأصمعي: كأنه صوت فيه تشقق.

وداود: هو نبي الله أبو سليمان، وهو اسم أعجمي، وقيل: إن إخوة داود كانوا مع طالوت، فمضى داود لينظر إليهم، فنادته أحجار: خذني، فأخذها، وجاء إلى طالوت، فقال: ما لي إن قتلت جالوت؟ قال: ثلث ملكي، وأنكحك ابنتي، فقتل جالوت.

قوله تعالى: وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ، يعني: آتى داود ملك طالوت. وفي المراد ب «الحكمة» هاهنا قولان: أحدهما: أنها النبوَّة، قاله ابن عباس. والثاني: الزبور، قاله مقاتل.

قوله تعالى: وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ، فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها صنعة الدروع. والثاني:

الزبور. والثالث: منطق الطير. قوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ قرأ الجمهور دَفْعُ بغير ألف هاهنا، وفي «الحج» «إن الله يدفع» ، وقرأ نافع، ويعقوب، وأبان (ولولا دفاع الله) .

قال أبو علي: المعنيان متقاربان، قال الشاعر «١» :

ولقد حَرصتُ بأن أدافع عنهمُ ... فاذا المنية أقبلت لا تدفع

وفي معنى الكلام قولان: أحدهما: أن معناه: لولا أن الله يدفع بمن أطاعه عن من عصاه، كما دفع عن المتخلفين عن طالوت بمن أطاعه، لهلك العُصاة بسرعة العقوبة، قاله مجاهد.

والثاني: أن معناه، لولا دفع الله المشركين بالمسلمين، لغلب المشركون على الأرض، فقتلوا المسلمين، وخربوا المساجد، قاله مقاتل. ومعنى: لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ: لهلك أهلها.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٢]]

تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢)

قوله تعالى: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ، أي: نقص عليك من أخبار المتقدمين.

وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ حُكمُك حكمهم، فمن صدقك، فسبيله سبيل من صدقهم، ومن عصاك، فسبيله سبيل من عصاهم.


(١) هو أبو ذؤيب الهذلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>