للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيات التي وصفت في التوراة والإِنجيل. والثاني: أن الإِشارة إِلى الآيات التي جرى ذكرها، من القرآن، قاله الزجاج. والثالث: أن «تلك» إِشارة إِلى «الر» وأخواتها من حروف المعجم، أي: تلك الحروف المفتتحة بها السُّوَر هي آياتُ الْكِتابِ لأن الكتاب بها يتلى، وألفاظه إِليها ترجع، ذكره ابن الأنباري. قال أبو عبيدة: الْحَكِيمِ بمعنى المحكَم المبيَّن الموضَّح. والعرب قد تضع فعيلاً في معنى مُفْعَل قال الله تعالى: ما لَدَيَّ عَتِيدٌ «١» أي: معدّ.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢ الى ٣]

أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣)

قوله تعالى: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً: سبب نزولها: أنّ الله تعالى لمّا بعث محمّدا صلى الله عليه وسلم أنكرت الكفار ذلك، وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد. فنزلت هذه الآية «٢» . والمراد بالناس هاهنا: أهل مكة، والمراد بالرّجل: محمّد صلى الله عليه وسلم. ومعنى (منهم) : يعرفون نسبه، قاله ابن عباس.

فأما الألِف فهي للتوبيخ والإِنكار. قال ابن الأنباري: والاحتجاج عليهم في كونهم عجبوا من إِرسال محمد، محذوف هاهنا، وهو مبيَّن في قوله: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ «٣» أي: فكما وضح لكم هذا التفاضل بالمشاهدة فلا تنكروا تفضيل الله مَنْ شاء بالنبوة. وإنما حذفه هاهنا اعتماداً على ما بيَّنه في موضع آخر. قال: وقيل: إِنما عجبوا من ذكر البعث والنشور لأن الإِنذار والتبشير يتصلان بهما، فكان جوابهم في مواضع كثيرة يدل على كون ذلك مثل قوله: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ «٤» ، وقوله: يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ «٥» .

وفي المراد بقوله: قَدَمَ صِدْقٍ سبعة أقوال: أحدها: أنه الثواب الحسن بما قدَّموا من أعمالهم.

رواه العوفي عن ابن عباس، وروى عنه أبو صالح قال: عمل صالح يَقْدمون عليه. والثاني: أنه ما سبق لهم من السعادة في الذِّكر الأول، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. قال أبو عبيدة: سابقة صدق.

والثالث: شفيع صدق، وهو محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم يوم القيامة. قاله الحسن. والرابع: سَلَفُ صدق تقدّموهم بالإِيمان، قاله مجاهد، وقتادة. والخامس: مقام صدق لا زوال عنه، قاله عطاء. والسادس:

أن قدم الصِّدق: المنزلة الرفيعة. قاله الزجاج. والسابع: أن القدم هاهنا: مصيبة المسلمين بنبيّهم صلى الله عليه وسلم وما يلحقهم من ثواب الله عند أسفهم على فقده ومحبتهم لمشاهدته «٦» ، ذكره ابن الأنباري.


(١) سورة ق: ٢٣.
(٢) ضعيف جدا. أخرجه الطبري ١٧٥٤٢ عن طريق بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس.
وإسناده ضعيف جدا، بشر ضعيف، والضحاك لم يلق ابن عباس.
وذكره الواحدي في «أسباب النزول» رقم ٥٣٤ عن ابن عباس بدون إسناد.
(٣) سورة الزخرف: ٣٢.
(٤) سورة الروم: ٢٧. [.....]
(٥) سورة يس: ٧٩.
(٦) قال الطبري رحمه الله ٦/ ٥٢٩، وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: معناه أن لهم أعمالا صالحة عند الله يستوجبون بها منة الثواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>