للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَمَنْ آمَنَ معناه: واحمل من آمن. وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ وفي عددهم ثمانية أقوال: أحدها: أنهم كانوا ثمانين رجلاً معهم أهلوهم، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثاني: أن نوحاً حمل معه ثمانين إِنساناً، وبنيه الثلاثة، وثلاث نسوة لبنيه، وامرأة نوح. رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس. والثالث: كانوا ثمانين إِنساناً، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وقال مقاتل كانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة. والرابع: كانوا أربعين، ذكره ابن جريج عن ابن عباس. والخامس: كانوا ثلاثين رجلاً، رواه أبو نهيك عن ابن عباس. والسادس: كانوا ثمانية، قال الحكم بن عتيبة: كان نوح وثلاثة بنيه وأربع كنائنه. قال قتادة: ذُكر لنا أنه لم ينج في السفينة إِلا نوح وامرأته «١» وثلاثة بنين له، ونساؤهم، فجماعتهم ثمانية، وهذا قول القرظي، وابن جريج. والسابع: كانوا سبعة، نوح، وثلاث كنائن له وثلاثة بنين، قاله الأعمش. والثامن: كانوا عشرة سوى نسائهم، قاله ابن إِسحاق. وروي عنه أنه قال: الذين نَجَوْا مع نوح بنوه الثلاثة، ونساؤهم ثلاث، وستة ممّن آمن به.

[[سورة هود (١١) : آية ٤١]]

وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)

قوله تعالى: وَقالَ يعني نوحاً للذين أمر بحملهم ارْكَبُوا السفينة. قال ابن عباس: ركبوا فيها لعشر مضين من رجب، وخرجوا منها يوم عاشوراء. وقال ابن جريج: دفعت من عين وردة يوم الجمعة لعشر مضين من رجب، فأتت موضع البيت فطافت به أسبوعاً، وكان البيت قد رُفع في ذلك الوقت، ورست بباقردى «٢» على الجودي يوم عاشوراء. قال ابن عباس: قرض الفأر حبال السفينة، فشكا نوح ذلك، فأوحى الله تعالى إِليه، فمسح ذنب الأسد، فخرج سنَّوْرانِ، وكان في السفينة عَذِرة، فشكا ذلك إِلى ربه، فأوحى الله تعالى إِليه، فمسح ذنب الفيل، فخرج خنزيران فأكلا ذلك «٣» . قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «مُجراها» بضم الميم. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: «مَجراها» بفتح الميم، وكسر الراء. وكلّهم قرءوا بضم الميم من «مرساها» ، إِلا أن ابن كثير، وأبا عمرو، وابن عامر، وحفصاً عن عاصم، كانوا يفتحون السين. ونافع، وأبو بكر عن عاصم، كانا يقرءانها بين الكسر والتفخيم. وكان حمزة، والكسائي، وخلف، يميلونها. وليس في هؤلاء أحد جعلها نعتاً لله، وإِنما جعل الوصفين نعتاً لله تعالى، الحسن، وقتادة، وحُميد الأعرج، وإِسماعيل بن مجالد عن عاصم، فقرؤوا «مجريها ومرسيها» بضم الميم، وبياءين صحيحتين، مثل مبديها ومنشيها. وقرأ ابن مسعود: «مجراها» بفتح


(١) قال ابن كثير رحمه الله ٢/ ٥٤٩: وهذا فيه نظر، بل الظاهر أنها هلكت لأنها كانت على دين قومها، فأصابها ما أصابهم، كما أصاب امرأة لوط ما أصاب قومها، والله أعلم.
(٢) ضبطه ياقوت بكسر القاف وفتح الدال، وهو موضع بالجزيرة بالقرب من جبل الجودي.
(٣) ذكره ابن كثير ٢/ ٥٤٨، عن ابن عباس رضي الله عنه، وقال: أثر غريب.
- قلت: أخرجه الطبري ١٨١٥٥ من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس، وإسناده واه، علي ضعيف، روى مناكير كثيرة، وكرره الطبري ١٨١٥٤ عن علي بن زيد عن يوسف به ليس فيه ذكر ابن عباس، وهو الصواب، وهو من الإسرائيليات المنكرة بلا ريب، بل هو من ترهاتهم وأساطيرهم، ولو لم يذكر المفسرون مثل هذا لكان أولى، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>