للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغرَّكِ مِنّي أنّ حُبَّكِ قاتلي ... وأنَّك مهما تأمري القلبَ يَفْعَلِ

وقال قيس بن ذريح:

أراجعة يا لبن أيامُنا الأُلى ... بذي الطَّلح أم لا ما لَهُنَّ رجوعُ «١»

فاستفهم وهو يعلم أنهن لا يرجعن.

قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ أي: يهلكه، ويُظهر فضيحتكم، إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ لا يجعل عملهم نافعاً لهم. وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ أي: يظهره ويمكنِّه، بِكَلِماتِهِ بما سبق من وعده بذلك.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٨٣ الى ٩٢]

فَما آمَنَ لِمُوسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣) وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (٨٤) فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٨٥) وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٨٦) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)

وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩) وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (٩٢)

قوله تعالى: فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ في المراد بالذّرّية ها هنا ثلاثة أقوال «٢» : أحدها: أن المراد بالذرّية: القليل. قاله ابن عباس. والثاني: أنهم أولاد الذين أُرسل إِليهم موسى مات آباؤهم لطول الزمان، وآمنوا هم، قاله مجاهد. وقال ابن زيد: هم الذين نشئوا مع موسى حين كفَّ فرعون عن ذبح


(١) في «اللسان» : طلح: اسم موضع. وفي «القاموس» : الطّلح: شجر عظام.
(٢) قال الطبري ٦/ ٥٩١: وأولى هذه الأقوال عندي بتأويل الآية قول مجاهد ... لأنه لم يجر في هذه الآية ذكر لغير موسى فلأن تكون «الهاء» في قوله: «من قومه» من ذكر موسى لقربها من ذكره، أولى من أن تكون من ذكر فرعون، لبعد ذكره منها، إذ لم يكن بخلاف ذلك دليل من خبر ولا نظر.
- وقال ابن كثير رحمه الله ٢/ ٥٢٧: وفي هذا نظر لأنه أراد بالذرية: الأحداث والشباب، وأنهم من بني إسرائيل، فالمعروف أن بني إسرائيل كلهم آمنوا بموسى عليه السلام واستبشروا به وقد كانوا يعرفون نعته وصفته، والبشارة به من كتبهم المتقدمة، وأن الله تعالى سينقذهم به من أسر فرعون ويظهرهم عليه، ولهذا لما بلغ هذا فرعون حذر كل الحذر، فلم يجد عنه شيئا ولما جاء موسى آذاهم فرعون أشد الأذى، وقالوا: أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا، قال: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون» وإذا تقرر هذا فكيف يكون المراد: إلا ذرية من قوم موسى، وهم بنو إسرائيل؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>