للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٦٢ الى ٧٥]

أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (٦٦)

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٧١)

قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٧٥)

قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وهو: المكروب المجهود وَيَكْشِفُ السُّوءَ يعني الضُّرَّ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أي: يهلك قرنا وينشئ آخرين، وتَذَكَّرُونَ بمعنى تتَّعظون. وقرأها أبو عمرو بالياء، والباقون بالتاء أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ أي: يُرشدكم إِلى مقاصدكم إِذا سافرتم فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وقد بيَّنَّاها في الأنعام «١» وشرحنا ما يليها من الكلمات فيما مضى «٢» إِلى قوله: وَما يَشْعُرُونَ يعني مَنْ في السموات والأرض أَيَّانَ يُبْعَثُونَ أي: متى يُبْعَثون بعد موتهم.

قوله تعالى: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «بل أَدْرَكَ» قال مجاهد:

«بل» بمعنى «أم» والمعنى: لم يُدْرِكْ عِلْمُهم، وقال الفراء: المعنى: هل أَدرك عِلْمُهم عِلْم الآخرة؟

فعلى هذا يكون المعنى: إِنهم لا يقفون في الدنيا على حقيقة العِلْم بالآخرة. وقرأ نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «بل ادّارَكَ» على معنى: بل تدارك، أي: تتابع وتلاحق، فأُدغمت التاء في الدال. ثم في معناها قولان: أحدهما: بل تكامل عِلْمهم يوم القيامة لأنهم مبعوثون، قاله الزجاج:

وقال ابن عباس: ما جهلوه في الدُّنيا، عَلِموه في الآخرة. والثاني: بل تدارك ظَنُّهم وحَدْسهم في الحكم على الآخرة، فتارة يقولون: إِنها كائنة، وتارة يقولون: لا تكون، قاله ابن قتيبة. وروى أبو بكر عن عاصم: «بل ادّرَكَ» على وزن افتعل من أدركت. قوله تعالى: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها أي: بل هم اليوم في شك من القيامة بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ قال ابن قتيبة: أي: من عِلْمِها. وما بعد هذا قد سبق بيانه «٣» إِلى قوله: مَتى هذَا الْوَعْدُ يعنون: العذاب الذي تَعِدنا. قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ قال ابن عباس:

قَرُب لكم. وقال ابن قتيبة: تَبِعَكم، واللام زائدة، كأنه قال: رَدِفَكم. وفي ما تبعهم مِمَّا استعجلوه قولان:

أحدهما: يوم بدر. والثاني: عذاب القبر.

قوله تعالى: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ قال مقاتل: على أهل مكة حين لا يعجّل عليهم


(١) الأنعام: ٦٣، ٩٧.
(٢) الأعراف: ٥٧، يونس: ٤.
(٣) النحل: ١٢٧، المؤمنون: ٣٥، ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>