[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٧٩ الى ٨٠]
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠)
قوله تعالى: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ قال الزجاج: جعلت قصدي بعبادتي وتوحيدي لله رب العالمين عزّ وجلّ. وباقي الآية قد تقدم.
وقوله تعالى: وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قال ابن عباس: جادلوه في آلهتهم، وخوَّفوه بها، فقال منكراً عليهم: أَتُحاجُّونِّي. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: أَتُحاجُّونِّي وتَأْمُرُونِّي بتشديد النون. وقرأ نافع، وابن عامر بتخفيفها، فحذفا النون الثانية لالتقاء النونين. ومعنى أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ أي: في توحيده. وَقَدْ هَدانِ، أي: بيَّن لي ما به اهتديت. وقرأ الكسائي: «هداني» ، بامالة الدال. والإمالة حسنة فيما كان أصله الياء، وهذا من هدى يَهدي.
قوله تعالى: وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ أي: لا أرهب آلهتكم، وذلك أنهم قالوا: نخاف أن تمسك آلهتنا بسوء، فقال: لا أخافها لأنها لا تضر ولا تنفع إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً فله أخاف وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أي: عَلِمه علماً تاما.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٨١ الى ٨٢]
وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)
قوله تعالى: وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ أي: من هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، ولا تخافون أنتم أنكم أشركتم بالله الذي خلقكم ورزقكم، وهو قادر على ضركم ونفعكم ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً أي: حجة فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ أي: بأن يأمن العذاب، الموحّدُ الذي يعبد من بيده الضر والنفع؟ أم المشرك الذي يعبد ما لا يضر ولا ينفع؟ ثم بين الأحق من هو بقوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أي: لم يخلطوه بشرك.
(٥٣٦) روى البخاري، ومسلم في «صحيحيهما» من حديث ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية، شق ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، وأينا ذلك؟ فقال: إنّما هو الشّرك، ألم تسمعوا ما قاله لقمان لابنه: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ «١» ؟
حديث صحيح. أخرجه البخاري ٣٢ و ٣٤٢٨ و ٣٤٢٩ و ٤٧٧٦ و ٦٩١٨ و ٦٩٣٧ ومسلم ١٢٤، والترمذي ٣٠٦٧ والنسائي في «الكبرى» ١١٣٩٠ والطيالسي ٢٧٠ وأحمد ١/ ٣٨٧ و ٤٢٤ و ٤٤٤، والطبري ١٣٤٨٣ و ١٣٤٨٤ و ١٣٤٨٧. وابن حبان ٢٥٣ وابن مندة في «الإيمان» ٢٦٥ و ٢٦٦ و ٢٦٧ و ٢٦٨ والبيهقي ١٠/ ١٨٥ من حديث ابن مسعود.