للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوحيد. وقال مقاتل «١» . عظمَّت اليهودُ الدجّالَ وقالوا: إن صاحبنا يُبعَث في آخر الزمان وله سلطان، فقال الله: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ لأن الدجّال من آياته، بِغَيْرِ سُلْطانٍ أي: بغير حجة، فاستعذ بالله من فتنة الدجّال. قال: والمراد ب «خَلْق الناس» : الدجّال، وإلى نحو هذا ذهب أبو العالية، والأول أصح «٢» .

وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فيه قولان: أحدهما: وحِّدوني واعبُدوني أثِبْكم، قاله ابن عباس. والثاني: سلوني أُعْطِكم، قاله السدي. إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي فيه قولان: أحدهما: عن توحيدي. والثاني: عن دعائي ومسألتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ قرأ ابن كثير، وأبو بكر عن عاصم، وعباس بن الفضل عن أبي عمرو: «سيُدْخَلونَ» بضم الياء، والباقون بفتحها، والدّاخر:

الصّاغر. وما بعد هذا قد سبق في مواضع متفرّقة «٣» إلى قوله: وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وهو أجل الحياة إلى الموت وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ توحيدَ الله وقدرته.

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٦٩ الى ٧٤]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣)

مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ (٧٤)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ يعني القرآن، يقولون: ليس من عند الله، أَنَّى يُصْرَفُونَ أي: كيف صُرِفوا عن الحق إلى الباطل؟! وفيهم قولان: أحدهما: أنهم المشركون، قاله ابن عباس. والثاني: أنهم القَدَريَّة، ذكره جماعة من المفسرين، وكان ابن سيرين يقول: إن لم تكن نزلت في القَدَريَّة فلا أدري فيمن نزلت.

وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وأبو رزين، وأبو مجلز، والضحاك، وابن يعمر، وابن أبي عبلة:

«والسلاسلَ يَسحبونَ» بفتح اللام والياء. وقال ابن عباس: إذا سحبوها كان أشدَّ عليهم.

قوله تعالى: يُسْجَرُونَ قال مجاهد: توقدَ بهم النار فصاروا وَقودَها.

قوله تعالى: أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مفسَّر في الأعراف «٤» . وفي قوله: لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً قولان: أحدهما: أنهم أرادوا أن الأصنام لم تكن شيئاً، لأنها لم تكن تضُر ولا تنفع، وهو قول الأكثرين. والثاني: أنهم قالوه على وجه الجحود، قاله أبو سليمان الدمشقي، كَذلِكَ أي: كما أضلَّ الله هؤلاء يضلّ الكافرين.


(١) عزاه لمقاتل، وهو متروك متهم.
(٢) مراد المصنف، أنها نزلت في قريش، هو الأصح. والله أعلم. وقال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ١٠٠:
وقال كعب وأبو العالية: نزلت هذه الآية في اليهود. وهذا قول غريب، وفيه تعسف بعيد، وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم في كتابه، والله أعلم.
(٣) يونس: ٦٧، القصص: ٧٣، الأنعام: ٩٥، النمل: ٦١، الأعراف: ٢٩، الحج: ٥.
(٤) الأعراف: ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>