للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكسرة التي في «خِفت» فينحو نحوها بالإِمالة. والقول السّديد: الصّواب.

[[سورة النساء (٤) : آية ١٠]]

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (١٠)

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً في سبب نزولها قولان: أحدهما: أن رجلاً من غطفان، يقال له: مرثد بن زيد، ولي مال ابن أخيه، فأكله، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل بن حيان «١» . والثاني: أن حنظلة بن الشمردل ولي يتيما، فأكل ماله، فنزلت هذه الآية، ذكره بعض المفسرين. وإنما خصّ الأكل بالذكْر، لأنه معظم المقصود، وقيل: عبّر به عن الأخذ.

قال سعيد بن جبير: ومعنى الظلم: أن يأخذه بغير حق. وأما ذكر «البطون» فللتوكيد، كما تقول:

نظرت بعيني، وسمعت بأذني. وفي المراد بأكلهم النار قولان:

أحدهما: أنهم سيأكلون يوم القيامة ناراً، فسمي الأكل بما يؤول إليه أمرهم، كقوله تعالى:

أَعْصِرُ خَمْراً «٢» قال السدي: يبعث آكل مال اليتيم ظلماً، ولهب النار يخرج مِن فيه، ومن مسامعه، وأذنيه، وأنفه، وعينيه، يعرفه مَن رآه يأكل مال اليتيم.

والثاني: أنه مَثَل. معناه: يأكلون ما يصيرون به إلى النّار، كقوله تعالى: وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ «٣» أي: رأيتم أسبابه.

قوله تعالى: وَسَيَصْلَوْنَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، «وسيصلون» بفتح الياء، وقرأ الحسن، وابن عامر، بضم الياء، ووافقهما ابن مقسم، إِلاَّ أنه شدّد. والمعنى:

سيُحرَّقون بالنار، ويُشْوَوْن. والسعير: النار المستعرة، واستِعار النارِ: توقُّدها.

فصل: وقد توهم قومٌ لا علم لهم بالتفسير وفقهه، أن هذه الآية منسوخة، لأنهم سمعوا أنها لما نزلت، تحرج القوم عن مخالطة اليتامى، فنزل قوله تعالى: وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «٤» وهذا غلط، وإِنما ارتفع عنهم الحرج بشرط قصد الإصلاح، لا على إباحة الظّلم.

[[سورة النساء (٤) : آية ١١]]

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١١)

قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ في سبب نزولها ثلاثة أقوال:


(١) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٩٦ عن مقاتل بن حيان بدون إسناد، فهذه علة، ومقاتل ذو مناكير، وخبره معضل، فهو لا شيء.
(٢) يوسف: ٣٦.
(٣) آل عمران: ١٤٣.
(٤) البقرة: ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>