للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفتح التاء والميم فيهما. وقرأ أبو عمرو: «ثُمْر» و «بثُمْره» بضمة واحدة وسكون الميم. قال الفراء:

الثَّمَر، بفتح الثاء والميم: المأكول، وبضمها: المال وقال ابن الأنباري: الثَّمر، بالفتح: الجمع الأول، والثُّمُر، بالضم: جمع الثَّمَر، يقال: ثَمَر، وثُمُر، كما يقال: أسَد، وأُسُد، ويصلح أن يكون الثُّمُر جمع الثِّمار، كما يقال: حِمار وحُمُر، وكِتاب وكُتُب، فمن ضَمَّ، قال: الثُّمُر أعم، لأنها تحتمل الثمار المأكولة، والأموال المجموعة. قال أبو علي الفارسي: وقراءة أبي عمرو: «ثُمُر» يجوز أن تكون جمع ثمار، ككتاب، وكُتُب، فتخفف، فيقال: كُتْب، ويجوز أن يكون «ثُمْر» جمع ثَمَرة، كبَدَنة وبُدْن، وخَشَبة، وخُشْب. ويجوز أن يكون (ثُمُر) واحداً، كعُنُق، وطُنُب. وقد ذكر المفسرون في قراءة من ضم ثلاثة أقوال: أحدها: أنه المال الكثير من صنوف الأموال، قاله ابن عباس. والثاني: أنه الذهب، والفضة، قاله مجاهد. والثالث: أنه جمع ثمرة، قال الزجاج: يقال: ثَمَرة، وثِمار، وثمر. فإن قيل: ما الفائدة في ذِكْر الثّمر بعد ذِكْر الجنَّتين، وقد عُلم أن صاحب الجنة لا يخلو من ثمر؟ فعنه ثلاثة أجوبة:

أحدها: أنه لم يكن أصل الأرض ملكاً له، وإِنما كانت له الثمار، قاله ابن عباس. والثاني: أن ذِكْر الثّمر دليل على كثرة ما يملك من الثمار في الجنّتين وغيرهما، ذكره ابن الأنباري. والثالث: قد ذكرنا أن المراد بالثمر الأموال من الأنواع وذكرنا أنها الذهب، والفضّة، وذلك يخالف الثمر المأكول قال أبو علي الفارسي: من قال: هو الذهب، والوَرِق، فإنما قيل لذلك: ثُمُر على التفاؤل، لأن الثمر نماء في ذي الثّمر، وكونه ها هنا بالجنى أشبه بالذّهب والفضة. ويقوي ذلك: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها والإِنفاق من الوَرِق، لا من الشجر.

قوله تعالى: فَقالَ يعني الكافر لِصاحِبِهِ المؤمن وَهُوَ يُحاوِرُهُ أي: يراجعه الكلام ويجاوبه. وفيما تحاورا فيه قولان: أحدهما: أنه الإِيمان والكفر. والثاني: طلب الدنيا، وطلب الآخرة. فأما «النفر» فهم الجماعة، ومثلهم: القوم والرهط ولا واحد لهذه الألفاظ من لفظها. وقال ابن فارس اللغوي: النفر: عدة رجال من ثلاثة إِلى العشرة.

وفيمن أراد بنَفَره ثلاثة أقوال: أحدها: عبيده، قاله ابن عباس. والثاني: ولده، قاله مقاتل.

والثالث: عشيرته ورهطه، قاله أبو سليمان.

قوله تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ يعني: الكافر وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ بالكفر وكان قد أخذ بيد أخيه فأدخله معه: قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً أنكر فتاء الدنيا، وفَناء جنته، وأنكر البعث والجزاء بقوله تعالى: وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وهذا شك منه في البعث، ثم قال: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي أي: كما تزعُم أنت. قال ابن عباس: يقول إِن كان البعث حقاً لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها قرأ أبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «خيراً منها» ، وكذلك هي في مصاحف أهل البصرة والكوفة. وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر: «خيراً منهما» بزيادة ميم على التّثنية، وكذلك هي في مصاحب أهل مكة والمدينة والشام. قال أبو علي: الإِفراد أولى، لأنه أقرب إِلى الجَنَّة المفردة في قوله: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ، والتثنية لا تمتنع، لتقدم ذِكْر الجَنَّتين.

قوله تعالى: مُنْقَلَباً أي: كما أعطاني هذا في الدنيا، سيعطيني في الآخرة أفضل منه.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٣٧ الى ٤١]

قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (٣٨) وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩) فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (٤١)

<<  <  ج: ص:  >  >>