للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: قالَ لَهُ صاحِبُهُ يعني: المؤمن وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ يعني:

خلق أباك آدم ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ يعني: ما أنشئ هو منه، فلما شَكَّ في البعث كان كافراً.

قوله تعالى: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي، وقالون عن نافع: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي، باسقاط الألف في الوصل، وإِثباتها في الوقف. وقرأ نافع في رواية المُسَيّبي بإثبات الألف وصلاً ووقفاً. وأثبت الألف ابن عامر في الحالين. وقرأ أبو رجاء: «لكنْ» بإسكان النون خفيفة من غير ألف في الحالين. وقرأ ابن يعمر «لكنَّ» بتشديد النون من غير ألف في الحالين. وقرأ الحسن: «لكنْ أنا هو اللهُ ربِّي» باسكان نون «لكنْ» وإِثبات «أنا» . قال الفراء: فيها ثلاث لغات: لكنّا، ولكنّ، ولكنَّه بالهاء، أنشدني أبو ثروان:

وترْمينني بالطَّرْف أي أنت مذنب ... وتَقْلِيَننِي لكنّ إِيّاكِ لاَ أَقْلِي

وقال أبو عبيدة: مجازه: لكن أنا هو الله ربي، ثم حُذفت الألف الأولى، وأُدغمت إِحدى النونين في الأخرى فشدِّدت. قال الزجاج: وهذه الألفُ تُحذف في الوصل، وتُثبت في الوقف، فأما من أثبتها في الوصل كما تثبت في الوقف، فهو على لغة من يقول: أنا قمتُ، فأثبت الألف، قال الشاعر:

أنا سَيْفُ العشيرة فاعرفوني «١» وهذه القراءة جيدة، لأن الهمزة قد حذفت من «أنا» ، فصار إِثبات الألف عوضاً من الهمزة.

قوله تعالى: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ أي: وهلاّ ومعنى الكلام التوبيخ. قال الفراء: ما شاءَ اللَّهُ في موضع رفع، إِن شئت رفعته بإضمار هو، يريد: هو ما شاء الله وإن شئتَ أضمرتَ فيه: ما شاء الله كان وجاز طرح جواب الجزاء، كما جاز في قوله: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ «٢» ليس له جواب، لأنه معروف، قال الزجاج: وقوله: لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الاختيار النصب بغير تنوين على النفي، كقوله: لا رَيْبَ فِيها «٣» ويجوز: «لا قوة إِلا بالله» على الرفع بالابتداء، والخبر «بالله» المعنى: لا يقوى أحد في بدنه ولا في ملك يده إِلا الله تعالى، ولا يكون له إِلا ما شاء الله.

قوله تعالى: إِنْ تَرَنِ قرأ ابن كثير: «إِن ترني أنا» و «يؤتيني خيراً» بياء في الوصل والوقف.

وقرأ نافع، وأبو عمرو بياء في الوصل. وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة بحذف الياء فيهما وصلاً ووقفاً. أَنَا أَقَلَّ وقرأ ابن أبي عبلة: «أنا أقلّ» برفع اللام. قال الفرّاء: «أنا» ها هنا عماد إِن نصبتَ «أقلَّ» ، واسم إِذا رفعت «أقلُّ» ، والقراءة بهما جائز.

قوله تعالى: فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ أي: في الآخرة، وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً وفيه


(١) هو صدر بيت وعجزه: «حميدا قد تذرّيت السّناما» . كما في القرطبي ١٠/ ٣٥١ والطبري ٨/ ٢٢٥.
(٢) سورة الأنعام: ١٣٥.
(٣) سورة الكهف: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>