للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: فَراغَ إِلى أَهْلِهِ قال ابن قتيبة: أي: عَدَل إليهم في خُفْية، ولا يكون الرَّواغُ إلاَّ أن تُخْفِيَ ذهابَك ومَجيئك. قوله تعالى: فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ وكان مشويّاً فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قال الزجاج:

والمعنى: فقرَّبه إليهم ليأكلوا منه، فلم يأكلوا، فقال: أَلا تَأْكُلُونَ؟! على النَّكير، أي: أمرُكم في ترك الأكل ممّا أُنْكِرُه. قوله تعالى: فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قد شرحناه في هود «١» . وذكرنا معنى: «غلامٍ عليمٍ» في (الحجر) «٢» . فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ وهي: سارة. قال الفراء وابن قتيبة: لم تُقْبِل مِن مَوضع إلى مَوضع، وإنما هو كقولك: أقبلَ يَشتُمني، وأقبل يَصيح ويتكلَّم أي: أخذ في ذلك، والصَّرَّة: الصَّيحة. وقال أبو عبيدة: الصَّرَّة: شِدة الصَّوت. وفيما قالت في صَيحتها قولان: أحدهما: أنها تأوّهت، قاله قتادة.

والثاني: أنها قالت: يا ويلتا، ذكره الفراء. قوله تعالى: فَصَكَّتْ وَجْهَها فيه قولان: أحدهما: لطمتْ وجهها، قاله ابن عباس. والثاني: ضربتْ جبينها تعجُّباً، قاله مجاهد، ومعنى الصَّكِّ، ضَرْبُ الشيء بالشيء العريض. وَقالَتْ عَجُوزٌ قال الفراء: هذا مرفوع بإضمار «أتَلِدُ عجوزٌ» . وقال الزجاج: المعنى:

أنا عجوز عقيمٌ، فكيف ألِدُ؟! وقد ذكرنا معنى «العقيم» في هود «٣» . قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ أنك ستَلِدين غُلاماً والمعنى: إنّما نخبرك عن الله عزّ وجلّ، وهو حكيم عليم يَقْدِر أن يَجعل العقيم وَلُوداً، فعَلِم حينئذ إبراهيمُ أنهم ملائكة. قالَ فَما خَطْبُكُمْ مفسر في الحجر «٤» .

قوله تعالى: حِجارَةً مِنْ طِينٍ قال ابن عباس: هو الآجُرُّ. قوله تعالى: مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ قد شرحناه في هود «٥» . قوله تعالى: لِلْمُسْرِفِينَ قال ابن عباس: للمشركين. قوله تعالى: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها، أي: من قُرى لوط مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وذلك قوله تعالى: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ الآية «٦» . فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وهو لوط وابنتاه، وصفهم الله عزّ وجلّ بالإيمان والإسلام، لأنه ما من مؤمِن إلا وهو مُسْلِم. وَتَرَكْنا فِيها آيَةً أي: علامة للخائفين من عذاب الله تَدُلُّهم على أن الله أهلكهم. وقد شرحنا هذا في العنكبوت «٧» وبيّنّا المكني عنها.

[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٣٨ الى ٥١]

وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢)

وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٤٦) وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧)

وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)

قوله تعالى: وَفِي مُوسى اي وفيه ايضاً آية إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي بحجّة ظاهرة


(١) هود: ٧٠.
(٢) الحجر: ٥٤.
(٣) هود: ٧٢.
(٤) الحجر: ٥٧.
(٥) هود: ٨٣.
(٦) هود: ٨١.
(٧) العنكبوت: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>