فإني إِذا مِتُّ ثم بُعثت جئتني ولي ثَمَّ مال وولد، فأعطيتك، فنزلت فيه هذه الآية، إلى قوله عزّ وجلّ:
فَرْداً. والثاني: أنها نزلت في الوليد بن المغيرة، وهذا مروي عن الحسن. والمفسرون على الأول.
قوله تعالى: لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وعاصم، وابن عامر: بفتح الواو. وقرأ حمزة، والكسائي: بضم الواو. وقال الفرّاء: وهم لغتان، كالعُدم، والعَدم، وليس يجمع، وقيس تجعل الوُلد جمعاً، والوَلد، بفتح الواو، واحداً.
وأين زعم هذا الكافر أن يؤتى المال والولد؟ فيه قولان: أحدهما: أنه أراد في الجنة على زعمكم. والثاني: في الدنيا. قال ابن الأنباري: وتقدير الآية: أرأيته مصيباً؟! قوله تعالى: أَطَّلَعَ الْغَيْبَ قال ابن عباس في رواية: أَعَلِمَ ما غاب عنه حتى يعلم أفي الجنة هو، أم لا؟! وقال في رواية أخرى: أَنَظَر في اللوح المحفوظ؟! قوله تعالى: أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أم قال: لا إِله إِلا الله، فأرحمه بها؟! قاله ابن عباس. والثاني: أم قدَّم عملاً صالحاً، فهو يرجوه؟! قاله قتادة. والثالث: أم عهد إِليه أنه يدخله الجنة؟! قاله ابن السائب.
قوله تعالى: كَلَّا أي: ليس الأمر على ما قال من أن يؤتَى المال والولد. ويجوز أن يكون معنى «كلاَّ» أي: إِنه لم يطَّلع الغيبَ، ولم يتخذ عند الله عهداً. سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ أي: سنأمر الحفظة بإثبات قوله لنجازيَه به، وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا أي: نجعل بعض العذاب على إِثر بعض. وقرأ أبو العالية الرياحي، وأبو رجاء العطاردي: «سيكتب» «ويرثه» بياء مفتوحة.
قوله تعالى: وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ فيه قولان: أحدهما: نرثه ما يقول أنه له في الجنة، فنجعله لغيره من المسلمين، قاله أبو صالح عن ابن عباس، واختاره الفراء. والثاني: نرث ما عنده من المال، والولد، باهلاكنا إِياه، وإِبطال ملكه، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً، وبه قال قتادة. قال الزجاج:
المعنى: سنسلبه المال والولد، ونجعله لغيره.
قوله تعالى: وَيَأْتِينا فَرْداً أي: بلا مال ولا ولد.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨١ الى ٨٤]
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)
قوله تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً يعني: المشركين عابدي الأصنام لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا قال الفراء: ليكونوا لهم شفعاء في الآخرة. قوله تعالى: كَلَّا أي: ليس الأمر كما قدَّروا، سَيَكْفُرُونَ يعني الأصنام بجحد عبادة المشركين، كقوله عزّ وجلّ: ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ لأنها كانت جماداً لا تعقل العبادة، وَيَكُونُونَ يعني: الأصنام عَلَيْهِمْ يعني: المشركين ضِدًّا أي: أعواناً عليهم في القيامة، يكذِّبونهم ويلعنونهم.
قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ قال الزجاج: في معنى هذا الإِرسال وجهان:
أحدهما: خلّينا بين الشياطين وبني الكافرين فلم نعصمهم من القبول منهم. والثاني: وهو المختار: سَلَّطناهم عليهم، وقيَّضْناهم لهم بكفرهم. تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أي: تزعجهم إزعاجاً حتى يركبوا