للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس، وقتادة في آخرين. والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعدهم بالنّصر والظهور على مدائن كسرى وقصور الحِيرة، ذكره الماوردي وغيره.

قوله تعالى: وَما زادَهُمْ يعني ما رأوه إِلَّا إِيماناً بوعد الله تعالى وَتَسْلِيماً لأمره.

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٢٣ الى ٢٧]

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧)

قوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ اختلفوا فيمن نزلت على قولين:

أحدهما: أنها نزلت في أنس بن النضر، قاله أنس بن مالك.

(١١٢٦) وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك قال: غاب عمِّي أَنَس بن النَّضْر عن قتال بدر، فلمَّا قَدِم قال: غِبْتُ عن أوّل قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلّم المشركين، لئن أشهدني الله عزّ وجلّ قتالاً لَيَرَيَنَّ اللهُ ما أصنع، فلمّا كان يوم أُحُدٍ انكشف الناسُ، فقال: اللهم إِني أبرأُ إِليكَ ممَّا جاء به هؤلاء، يعني المشركين، وأعتذر إِليك ممَّا صنع هؤلاء، يعني المسلمين ثم مشى بسيفه، فلقيه سعد بن معاذ، فقال: أي سعد، والذي نفسي بيده إِني لأجد ريح الجنة دون أُحُد، واهاً لريح الجنة.

قال سعد: فما استطعتُ يا رسول الله ما صنع قال أنس: فوجدناه بين القتلى به بِضْع وثمانون جِراحة، من ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورَمْيَة بسهم، قد مثَّلوا به قال: فما عرفناه حتى عرفتْه أختُه بِبَنانه قال أنس: فكنّا نقول: أُنزلت هذه الآية «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه» فيه وفي أصحابه.

(١١٢٧) والثاني: أنها نزلت في طلحة بن عبيد الله. روى النزَّال بن سَبْرة عن عليّ عليه السلام


صحيح. أخرجه البخاري ٢٨٠٥ و ٤٠٤٨ ومسلم ١٩٠٣ والترمذي ٣٢٠٠ والنسائي في «التفسير» ٤٢٢ و ٤٢٣ من حديث أنس، وليس فيه سبب النزول.
حسن بشواهده. أخرجه أبو الشيخ وابن عساكر كما في «الدر» ٥/ ٣٦٦، ولم أقف على إسناده، وللحديث شواهد مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بلفظ «طلحة ممن قضى نحبه» وبألفاظ متقاربة منها: حديث جابر بن عبد الله أخرجه الترمذي ٣٧٣٩ والحاكم ٣/ ٣٧٦ من طرق عن الصلت بن دينار به. قال الحاكم: تفرّد به الصلت، وليس من شرط هذا الكتاب. وقال الذهبي: الصلت واه. وحديث معاوية بن أبي سفيان أخرجه الترمذي ٣٢٠٢ و ٣٧٤٠ وابن سعد في «الطبقات» ٣/ ١٦٤ وابن ماجة ١٢٦ و ١٢٧ والطبري ٢٨٤٣١ من طريقين عن إسحاق بن يحيى الطلحي عن موسى بن طلحة عن معاوية مرفوعا. وإسناده واه لأجل إسحاق بن يحيى، قال أحمد والنسائي: متروك. وقال يحيى: لا يكتب حديثه. وحديث عائشة أخرجه ابن سعد ٣/ ١٦٣- ١٦٤ وأبو يعلى ٤٨٩٨ وأبو نعيم ١/ ٨٨ ومداره على صالح بن موسى، وهو متروك، وكذا قال الهيثمي في «المجمع» ٩/ ٤٨. وحديث عائشة أخرجه الحاكم ٣/ ٣٧٦ من وجه آخر عنها وفيه إسحاق بن يحيى متروك ليس بشيء. وحديث طلحة بن عبيد الله أخرجه الترمذي ٣٢٠٣ و ٣٧٤٢ وأبو يعلى ٣٦٣ والطبري ٢٨٤٣٠- من طريق موسى وعيسى ابني طلحة عنه. قال الترمذي: حسن غريب، وسمعت البخاري يحدث بهذا الحديث عن أبي كريب، ووضعه في كتاب «الفوائد» . ورجاله رجال مسلم ولكن طلحة بن يحيى، وإن روى له مسلم، ووثقه غير واحد فقد قال يحيى القطان: لم يكن بالقوي. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو زرعة:
صالح الحديث. وله شاهد مرسل أخرجه ابن سعد ٣/ ١٦٤ من طريق حصين عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. وهذا مرسل صحيح، رجاله رجال البخاري ومسلم، ليس له علة إلا الإرسال فهذا شاهد لما تقدم. الخلاصة: هو حديث حسن بمجموع طرقه وشواهده، ومع ذلك في المتن غرابة وانظر «أحكام القرآن» ١٧٦٦ بتخريجنا وانظر «الصحيحة» ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>