للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شطت مزار العاشقين فأصبحت ... عسرا علي طلابك ابنةَ مَخْرَمِ «١»

قوله تعالى: بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ أي: ليِّنةٍ: وَفَرِحُوا بِها للينها. جاءَتْها يعني الفلك. قال الفراء:

وإِن شئتَ جعلتَها للريح، كأنك قلت: جاءت الريحَ الطيبةَ ريحٌ عاصف، والعرب تقول: عاصف وعاصفة، وقد عصفت الريح وأعصفت، والألف لغة لبني أسد. قال ابن عباس: الريح العاصف:

الشديدة. قال الزجاج: يقال: عصفت الريح، فهي عاصف وعاصفة، وأعصفت، فهي معصف ومعصفة. وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ أي: من كل أمكنة الموج.

قوله تعالى: وَظَنُّوا فيه قولان: أحدهما: أنه بمعنى اليقين. والثاني: أنه التّوهّم.

وفي قوله تعالى: أُحِيطَ بِهِمْ قولان: أحدهما: دَنوا من الهلكة. قال ابن قتيبة: وأصل هذا أن العدوَّ إِذا أحاط ببلد، فقد دنا أهله من الهلكة. وقال الزجاج: يقال لكل من وقع في بلاء: قد أحيط بفلان، أي: أحاط به البلاء. والثاني: أحاطت بهم الملائكة، ذكره الزجاج.

قوله تعالى: دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ دون أوثانهم. قال ابن عباس: تركوا الشرك، وأخلصوا لله الربوبية، وقالوا: لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ الريح العاصف لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ أي: الموحِّدين.

قوله تعالى: يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ البغي: الترامي في الفساد. قال الأصمعي: يقال: بغى الجرح: إِذا ترامى إِلى فساد. قال ابن عباس: يبغون في الأرض بالدعاء إِلى عبادة غير الله والعمل بالمعاصي والفساد. يا أَيُّهَا النَّاسُ يعني أهل مكة. إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أي: جناية مظالمكم بينكم على أنفسكم. وقال الزجاج: عملكم بالظلم عليكم يرجع.

قوله تعالى: مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا قرأ ابن عباس، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وحفص، وأبان عن عاصم: «متاعَ الحياة الدنيا» بنصب المتاع. قال الزجاج: مَن رفع المتاع، فالمعنى أن ما تنالونه بهذا البغي إِنما تنتفعون به في الدنيا، ومن نصب المتاع، فعلى المصدر. فالمعنى:

تمتَّعون متاع الحياة الدنيا. وقرأ أبو المتوكل، واليزيدي في اختياره، وهارون العتكي عن عاصم: «متاع الحياة الدنيا» ، بكسر العين. قال ابن عباس: مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي: منفعة في الدنيا.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٢٤]]

إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤)

قوله تعالى: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ هذا مثل ضربه الله للدنيا الفانية، فشبّهها بمطر نزل من السماء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ يعني التفّ النبات بالمطر وكثر. مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ من الحبوب وغيرها، وَالْأَنْعامُ من المرعى. حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها قال ابن قتيبة:

زينتها بالنبات. وأصل الزخرف: الذهب، ثم يقال للنقش والنَّوْر والزَّهر وكل شيء زيّن: زخرف. وقال


(١) ذكره ابن منظور في «اللسان» مادة «شطط» ونسبه لعنترة.
وشطت من الشطط وهو مجاوزة القدر في بيع أو طلب أو احتكام أو غير ذلك من كل شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>