تعالى: وَإِنْ تَلْوُوا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، والكسائي، تلووا، بواوين، الأولى مضمومة، واللام ساكنة. وفي معنى هذه القراءة ثلاثة أقوال: أحدها: أن يلوي الشاهد لسانه بالشهادة إِلى غير الحق. قال ابن عباس: يلوي لسانه بغير الحق، ولا يقيم الشهادة على وجهها، أو يعرض عنها ويتركها. وهذا قول مجاهد، وسعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة، والسدي، وابن زيد. والثاني: أن يلوي الحاكم وجهه إِلى بعض الخصوم، أو يُعرِضَ عن بعضهم، روي عن ابن عباس أيضاً. والثالث:
أن يلوي الإِنسان عنقه إِعراضاً عن أمر الله لكبره وعتوِّه. ويكون:«أو تعرضوا» بمعنى: وتعرضوا، ذكره الماوردي. وقرأ الأعمش، وحمزة، وابن عامر:«تلوا» بواو واحدة، واللاّم مضمومة. والمعنى: أن تلوا أمور الناس، أو تتركوا، فيكون الخطاب للحكّام.
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ في سبب نزولها قولان:
(٣٨٢) أحدهما: أن عبد الله بن سلام، وأسداً، وأُسيداً ابني كعب، وثعلبة بن قيس، وسلاماً، وسلمة، ويامين. وهؤلاء مؤمنو أهل الكتاب أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله نؤمن بك، وبكتابك، وبموسى، والتوراة، وعزير، ونكفر بما سوى ذلك من الكتاب والرسل، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أن مؤمني أهل الكتاب كان بينهم وبين اليهود كلام لما أسلموا، فنزلت هذه الآية، هذا قول مقاتل «١» .
وفي المشار إليهم بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ثلاثة أقوال «٢» : أحدها: أنهم المسلمون، قاله الحسن، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بمحمد والقرآن اثبتوا على إِيمانكم. والثاني: اليهود والنصارى، قاله الضحاك، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بموسى، والتوراة، وبعيسى، والإِنجيل:
آمنوا بمحمد والقرآن. والثالث: المنافقون، قاله مجاهد، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا في الظّاهر بألسنتهم، آمنوا بقلوبكم.
باطل. ذكره البغوي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهذا إسناد ساقط: الكلبي متروك كذاب، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس. وانظر ترجمتهما في «الميزان» . وذكره الواحدي في أسباب النزول ٣٧٢ عن الكلبي بدون إسناد، وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ١/ ٥٧٦: ذكره الثعلبي من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.