رواه العوفي عن ابن عباس. والثاني: أنه المُكاء والصفير عند تلاوة القرآن، قاله مجاهد. والثالث: أنه التكذيب بالآيات، قاله قتادة. والرابع: أنه المُعانَدة، قاله السدي. والخامس: أنه المَيْل عن الإِيمان بالآيات، قاله مقاتل.
قوله تعالى: لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا هذا وعيد بالجزاء أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ وهذا عامّ، غير أن المفسرين ذكَروا فيمن أُريدَ به سبعةَ أقوال: أحدها: أنه أبو جهل وأبو بكر الصِّدِّيق، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: أبو جهل وعمّار بن ياسر، قاله عكرمة. والثالث: أبو جهل ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قاله ابن السائب، ومقاتل. والرابع: أبو جهل وعثمان بن عفّان، حكاه الثّعلبي.
والخامس: أبو جهل وحمزة، حكاه الواحدي. والسادس: أبو جهل وعمر بن الخطاب. والسابع:
الكافر والمؤمن، حكاهما الماوردي.
قوله تعالى: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ قال الزجاج: لفظه لفظ الأمر، ومعناه الوعيد والتهديد. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ يعني القرآن ثم أخذ في وصف الذِّكر وتَرَكَ جواب «إِنَّ» ، وفي جوابها هاهنا قولان: أحدهما: أنه «أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» ، ذكره الفراء. والثاني: أنه متروك، وفي تقديره قولان: أحدهما: إن الذين كفروا بالذِّكْر لمّا جاءهم كفروا به. والثاني: إن الذين كفروا يجازَون بكفرهم.
قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ فيه أربعة أقوال: أحدها: مَنيعٌ من الشيطان لا يجد إِليه سبيلاً، قاله السدي. والثاني: كريمُ على الله، قاله ابن السائب. والثالث: مَنيعٌ من الباطل، قاله مقاتل.
والرابع: يمتنع على الناس أن يقولوا مِثْلَه، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ فيه ثلاثة أقوال. أحدها: التكذيب، قاله سعيد بن جبير. والثاني:
الشيطان. والثالث: التبديل، رويا عن مجاهد. قال قتادة: لا يستطيع إبليس أن ينقص منه حقاً ولا يَزيد فيه باطلاً، وقال مجاهد: لا يدخل فيه ما ليس منه. وفي قوله: مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ثلاثة اقوال: أحدها: بين يَدَي تنزيله وبعد نزوله. والثاني: أنه ليس قَبْلَه كتاب يُبْطِله ولا يأتي بعده كتاب يُبْطِله. والثالث: لا يأتيه الباطل في إخباره عمّا تقدّم ولا في إخباره عمّا تأخّر.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]
ما يُقالُ لَكَ إِلاَّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (٤٣) وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٤٤)
قوله تعالى: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ فيه قولان: أحدهما: أنه قد قيل فيمن أًرْسِلَ قَبْلَكَ: ساحر وكاهن ومجنون. وكُذِّبوا كما كًذِّبتَ، هذا قول الحسن، وقتادة، والجمهور.
والثاني: ما تُخْبَر إلاّ بما أًخْبِر الأنبياءُ قَبْلَك من أن الله غفور، وأنه ذو عقاب، حكاه الماوردي. قوله تعالى: وَلَوْ جَعَلْناهُ يعني الكتاب الذي أُنزلَ عليه قُرْآناً أَعْجَمِيًّا أي: بغير لغة العرب لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ أي: هلاّ بيّنت آياته بالعربية حتى نفهمه؟! ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: «آعجمي» بهمزة ممدودة، وقرأ حمزة، والكسائي وأبو بكر