وقوله الْمُؤْمِناتِ خرج مخرج الغالب، إذ لا فرق في الحكم بين المؤمنة والكتابية في ذلك بالاتفاق. (٢) قال ابن كثير رحمه الله ٣/ ٦١٢: وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء إذا طلّقت قبل الدخول بها لا عدة عليها فتذهب فتتزوج في فورها من شاءت، ولا يستثنى من هذا إلا المتوفّى عنها زوجها فإنها تعتد منه أربعة أشهر وعشرا وإن لم يكن دخل بها بالإجماع أيضا. وقال الإمام الموفق في «المغني» ٩/ ٥٣٣: فأما الخلوة بالمرأة، فالصحيح أنها لا تنشر حرمة. وقد روي عن أحمد: إذا خلا بالمرأة، وجب الصّداق والعدة، ولا يحل له أن يتزوج أمها أو ابنتها. قال القاضي: هذا محمول على أنه حصل مع الخلوة الجماع، فيخرّج كلامه بقوله: لا يحرّمه شيء من ذلك إلا الجماع. وفي رواية عن أحمد. فأما تحريم أمها فبمجرد العقد، وأما تحريم ابنتها فبالدخول وقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فأما مع خلّوه من ذلك، فلا يؤثر في تحريم الربيبة لما في ذلك من مخالفة قوله تعالى. وأما الخلوة بأجنبية. فلا تنشر تحريما. لا نعلم في ذلك خلافا. وجاء في «المغني» ١١/ ١٩٧: العدة تجب على كل من خلا بها زوجها، وإن لم يمسها. وإن خلا بها ولم يصبها ثم طلّقها، فإن مذهب أحمد وجوب العدة عليها. وروي ذلك عن الخلفاء الراشدين، وزيد، وابن عمر وأصحاب الرأي والشافعي في القديم. وقال الشافعي في الجديد: لا عدّة عليها، لهذه الآية وهذا نص. ولأنها مطلقة لم تمس، فأشبهت من لم يخل بها. ولنا، إجماع الصحابة. فإنه من أرخى سترا أو أغلق بابا، فقد وجب المهر، ووجبت العدة. وهذه قضايا اشتهرت ولم تنكر فصارت إجماعا. وقد روي عن أحمد، أن الصداق لا يكمل مع وجود المانع، فكذلك يخرج في العدة. لأن الخلوة إنما أقيمت مقام المسيس، لأنها مظنة له، ومع المانع لا تتحقق المظنة. ولأن العدة تجب لبراءة الرحم. وأجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشر، مدخولا بها أو غير مدخول بها، سواء كانت كبيرة بالغة أو صغيرة لم تبلغ.