ورحمته: أن جعلهم من أهل القرآن، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال أبو سعيد الخدري، والحسن في رواية. والثالث: أن فضل الله: العلم، ورحمته: محمّد صلى الله عليه وسلم، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والرابع: أن فضل الله: الإِسلام، ورحمته: تزيينه في القلوب، قاله ابن عمر. والخامس: أن فضل الله: القرآن، ورحمته: الإِسلام، قاله الضحاك، وزيد بن أسلم، وابنه، ومقاتل. والسادس: أن فضل الله ورحمته: القرآن، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد، واختاره الزجاج. والسابع: أن فضل الله:
القرآن، ورحمته: السُّنَّة، قاله خالد بن معدان. والثامن: فضل الله: التوفيق، ورحمته: العصمة، قاله ابن عيينة.
قوله تعالى: فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا وقرأ أُبَيُّ بن كعب، وأبو مجلز، وقتادة، وأبو العالية، ورويس عن يعقوب: «فلتفرحوا» بالتاء. وقرأ الحسن ومعاذ القارئ وأبو المتوكل مثل ذلك، إِلا أنهم كسروا اللام. وقرأ ابن مسعود وأبو عمران: «فبذلك فافرحوا» . قال ابن عباس: بذلك الفضل والرحمة. هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ أي مما يجمع الكفار من الأموال. وقرأ أبو جعفر وابن عامر ورويس: «تجمعون» بالتاء. وحكى ابن الأنباري أن الباء في قوله: بِفَضْلِ اللَّهِ خبر لاسم مضمر، تأويله: هذا الشفاء وهذه الموعظة بفضل الله وبرحمته، فبذلك التّطوّل من الله فليفرحوا.
[[سورة يونس (١٠) : آية ٥٩]]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٥٩)
قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ قال المفسرون: هذا خطاب لكفار قريش، كانوا يحرِّمون ما شاؤوا، ويُحلُّون ما شاؤوا. وأَنْزَلَ بمعنى خلق. وقد شرحنا بعض مذاهبهم فيما كانوا يفعلون من البحيرة والسائبة وغير ذلك في سورة المائدة وسورة الأنعام «١» . قوله تعالى: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أي: في هذا التّحليل والتّحريم.
[[سورة يونس (١٠) : آية ٦٠]]
وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠)
قوله تعالى: وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ في الكلام محذوف، تقديره: ما ظنهم أن الله فاعل بهم يوم القيامة بكذبهم، إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ حين لم يعجِّل عليهم بالعقوبة وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ تأخير العذاب عنهم.
[[سورة يونس (١٠) : آية ٦١]]
وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦١)
قوله تعالى: وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ أي: في عمل من الأعمال، وجمعه: شؤون. وَما تَتْلُوا مِنْهُ
(١) سورة المائدة: ١٠٣. وسورة الأنعام: ١٣٩.