للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة النساء (٤) : آية ١٥٥]]

فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥٥)

قوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ «ما» صلة مؤكّدة. قال الزجاج: والمعنى: فبنقضهم ميثاقهم، وهو أن الله أخذ عليهم الميثاق أن يُبيّنوا ما أنزل عليهم من ذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وغيره. والجالب للباء العامل فيها، وقوله تعالى: حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ «١» أي: بنقضهم ميثاقهم، والأشياء التي ذكرت بعده حرّمنا عليهم. وقوله تعالى: فَبِظُلْمٍ «٢» بدل من قوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ. وجعل الله جزاءهم على كفرهم أن طبع على قلوبهم. وقال ابن فارس: الطّبع: الختم ومن ذلك طبع الله على قلب الكافر كأنه ختم عليه حتى لا يصل إِليه هدى ولا نور فلم يوفّق لخير، والطابع: الخاتم يختم به. قوله تعالى: فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا فيه قولان: أحدهما: فلا يؤمن منهم إِلا القليل، وهم عبد الله بن سلام، وأصحابه، قاله ابن عباس. والثاني: المعنى: إِيمانهم قليل، وهو قولهم: ربنا الله، قاله مجاهد.

[[سورة النساء (٤) : آية ١٥٦]]

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦)

قوله تعالى: وَبِكُفْرِهِمْ في إِعادة ذكر الكفر فائِدة وفيها قولان: أحدهما: أنه أراد: وبكفرهم بمحمد والقرآن، قاله ابن عباس. والثاني: وبكفرهم بالمسيح، وقد بشروا به، قاله أبو سليمان الدمشقي. فأما «البهتان» فهو في قول الجماعة: قذفهم مريم بالزّنى.

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٥٧ الى ١٥٨]

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٥٨)

قوله تعالى: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ قال الزجاج: أي باعترافهم بقتلهم إِيَّاه، وما قتلوه، يُعذَّبون عذابَ من قتل، لأنهم قتلوا الذي قتلوا على أنّه نبي.

وفي قوله تعالى: رَسُولَ اللَّهِ قولان: أحدهما: أنه من قول اليهود، فيكون المعنى: أنه رسول الله على زعمه. والثاني: أنه من قول الله، لا على وجه الحكاية عنهم.

قوله تعالى: وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ أي: أُلقِي شبهُه على غيره. وفيمن أُلقي عليه شبهه قولان:

أحدهما: أنه بعض من أراد قتله من اليهود. روى أبو صالح عن ابن عباس: أن اليهود لما اجتمعت على قتل عيسى، أدخله جبريل خوخة لها رَوزنة «٣» ، ودخل وراءه رجل منهم، فألقى الله عليه شبه عيسى، فلما خرج على أصحابه، قتلوه يظنونه عيسى، ثم صلبوه، وبهذا قال مقاتل وأبو سليمان. والثاني: أنه رجُلٌ من أصحاب عيسى، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن عيسى خرج على أصحابه لما أراد الله رفعه، فقال: أيكم يُلقى عليه شبهي، فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟ فقام شابّ، فقال:


(١) سورة النساء: ١٦٠.
(٢) سورة النساء: ١٦٠. [.....]
(٣) الروزنة: الكوّة، وقيل: الخرق في أعلى السقف، ويقال للكوّة النافذة: الرّوزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>