التوحيد. وقرأ عاصم الجُحدري: «ولِوُلْدي» بضم الواو. وقرأ يحيى بن يعمر، والجَوني: «ولِوَلَدِي» بفتح الواو وكسر الدال على التوحيد. يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ أي: يَظهر الجزاء على الأعمال. وقيل:
معناه: يوم يقوم الناس للحساب.، فاكتُفي بذِكر الحساب من ذِكر الناس إِذ كان المعنى مفهوما.
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣)
قوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ قال ابن عباس: هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم.
قوله تعالى: إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رزين، وقتادة: «نؤخِّرهم» بالنون، أي: يؤخر جزاءهم لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ أي: تشخص أبصار الخلائق لظهور الأحوال فلا تغتمض.
قوله تعالى: مُهْطِعِينَ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن الإِهطاع: النظر من غير أن يَطْرِف الناظر، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك، وأبو الضُّحى. والثاني: أنه الإِسراع، قاله الحسن، وسعيد بن جُبير، وقتادة، وأبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: يقال: أهطع البعير في سيره، واستهطع: إِذا أسرع. وفي ما أسرعوا إِليه قولان: أحدهما: إِلى الداعي، قاله قتادة. والثاني: إِلى النار، قاله مقاتل. والثالث: أن المُهطع: الذي لا يرفع رأسه، قاله ابن زيد.
وفي قوله تعالى: مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ قولان: أحدهما: رافعي رؤوسهم، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وأبو عبيدة، وأنشد أبو عبيدة:
أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وأَقْنَعَا ... كَأَنَمَّا أَبْصَرَ شَيْئَاً أَطْمَعَا «١»
وقال ابن قتيبة: المقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرْفه على ما بين يديه. وقال الزّجّاج: رافعي رؤوسهم، ملتصقة بأعناقهم. و «مهطعين مقنعي رؤوسهم» نصبٌ على الحال، المعنى: ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين. والثاني: ناكسي رؤوسِهم، حكاه الماوردي عن المؤرِّج.
قوله تعالى: لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ أي: لا ترجع إِليهم أبصارهم من شدة النظر، فهي شاخصة.
قال ابن قتيبة: والمعنى: أن نظرهم إِلى شيء واحد، وقال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إِلى السماء، لا ينظر أحد إِلى أحد.
قوله تعالى: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ الأفئدة: مساكن القلوب. وفي معنى الكلام أربعة أقوال:
أحدها: أن القلوب خرجت من مواضعها فصارت في الحناجر، رواه عطاء عن ابن عباس. وقال قتادة: خرجت من صدورهم فنَشِبَت في حلوقهم، فأفئدتهم هواءٌ ليس فيها شيء.
والثاني: وأفئدتهم ليس فيها شيء من الخير، فهي كالخِرْبة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: وأفئدتهم مُنخرِقة لا تعي شيئاً، قاله مُرَّة بن شراحيل. وقال الزجاج: متخرّقة لا تعي
(١) في «القاموس» أنغض: حرّك، والنّغض: من يحرك رأسه، ويرجف في مشيته. [.....]