للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت العرب تستطيبه. والثالث: أنها الشحوم المحرَّمة على بني إسرائيل. والرابع: ما كانت العرب تحرِّمه من البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام. وفي الخبائث ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الحرام، فالمعنى: ويحرِّم عليهم الحرام. والثاني: أنها ما كانت العرب تستخبثه ولا تأكله، كالحيات، والحشرات. والثالث: ما كانوا يستحلُّونه من الميتة، والدم، ولحم الخنزير.

قوله تعالى: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ قرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي «إِصرهم» . وقرأ ابن عامر «آصارهم» ممدودة الألف على الجمع. وفي هذا الإِصر قولان «١» :

أحدهما: أنه العهد الذي أخذ الله على بني إسرائيل أن يعملوا بما في التوراة، قاله ابن عباس. والثاني:

التشديد الذي كان عليهم من تحريم السّبت، والشّحوم والعروق، وغير ذلك من الأمور الشاقة، قاله قتادة. وقال مسروق: لقد كان الرجل من بني إسرائيل يذنب الذنب، فيصبح وقد كُتب على باب بيته:

إن كفارته أن تنْزِع عينيك، فيْنزِعهُما.

قوله تعالى: وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ قال الزجاج: ذِكر الأغلال تمثيل، ألا ترى أنك تقول:

جعلت هذا طوقاً في عنقك، وليس هناك طوق، إنما جعلت لزومه كالطوق. والأغلال: أنه كان عليهم أن لا يُقبَل منهم في القتل دية، وأن لا يعملوا في السبت، وأن يَقْرِضُوا ما أصاب جلودهم من البول.

قوله تعالى: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ يعني بمحمّد صلّى الله عليه وسلم وَعَزَّرُوهُ وروى أبان «وعَزَروه» بتخفيف الزاي. وفي المعنى قولان: أحدهما: نصروه وأعانوه، قاله مقاتل. والثاني: عظَّموه، قاله ابن قتيبة.

والنور الذي أنزل معه: القرآن، سماه نورا، لأن بيانه في القلوب كبيان النور في العيون. وفي قوله «معه» قولان: أحدهما: أنها بمعنى «عليه» . والثاني: بمعنى أُنزل في زمانه. قال قتادة: أما نصره، فقد سُبقتم إليه، ولكن خيركم من آمن به واتبع النور الذي أُنزل معه.

قوله تعالى: الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ في الكلمات قولان «٢» :

أحدهما: أنها القرآن، قاله ابن عباس. وقال قتادة: كلماته: آياته.

والثاني: أنها عيسى ابن مريم، قاله مجاهد، والسّدّيّ.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٥٩]]

وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٥٩)

قوله تعالى: وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ فيه قولان: أحدهما: يدعون إلى الحق.

والثاني: يعملون به.


(١) قال الطبري في «تفسيره» ٦/ ٨٦: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن «الإصر» هو العهد- وقد بينا ذلك بشواهده في موضع غير هذا بما فيه الكفاية- وأن معنى الكلام: ويضع النبي الأمي العهد الذي كان الله أخذ على بني إسرائيل، من إقامة التوراة والعمل بما فيها من الأعمال الشديدة، كقطع الجلد من البول، وتحريم الغنائم. ونحو ذلك من الأعمال التي كانت عليهم مفروضة فنسخها حكم القرآن. اه.
(٢) وقال الطبري في تفسيره ٦/ ٨٨: والصواب من القول في ذلك عندنا أن الله تعالى ذكره أمر عباده أن يصدقوا بنبوة النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ولم يخصص الخبر جل ثناؤه عن إيمانه من «كلمات الله» ببعض، بل أخبرهم عن جميع الكلمات فالحق في ذلك أن يعم القول فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يؤمن بكلمات الله كلها. على ما جاء به ظاهر كتاب الله اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>