للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة ق]

ويقال لها: سورة الباسقات. روى العوفيّ وغيره عن ابن عباس أنها مكّيّة، وكذلك قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والجمهور. وحكي عن ابن عباس وقتادة أنّ فيها آية مدنيّة، وهي قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ... الآية «١» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة ق (٥٠) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤)

بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)

قوله تعالى: ق قرأ الجمهور بإسكان الفاء. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو المتوكل، وأبو رجاء، وأبو الجوزاء: «قافَ» بنصب الفاء. وقرأ أبو رزين، وقتادة: «قافُ» برفع الفاء. وقرأ الحسن، وأبو عمران: «قافِ» بكسر الفاء. وفي «ق» خمسة أقوال «٢» : أحدها: أنه قسم أقسم اللهُ به، وهو من أسمائه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: أنه جبل من زَبَرْجَدة خضراء، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: خلق الله جبلا يقال له: «ق» محيط بالعالم،


(١) ق: ٣٨.
(٢) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ٢٦٠: «ق» : حرف من حروف الهجاء التي تقدم ذكرها في أوائل السور بما أغنى عن إعادته. وقد روي عن بعض السلف أنهم قالوا: ق: جبل محيط بجميع الأرض يقال له قاف وكأن هذا. والله أعلم من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس، لما رأى من جواز الرواية عنهم فيما لا يصدّق ولا يكذّب. وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم، يلبسون به على الناس أمر دينهم كما افترى على هذه الأمة- مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها- أحاديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم- وما بالعهد من قدم، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى، وقلّة الحفّاظ النقّاد فيهم، وشربهم الخمور، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه، وتبديل كتب الله وآياته! وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله:
«وحدّثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج» فيما قد يجوزه العقل. فأما ما تحيله العقول ويحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل، والله أعلم.
وقد أكثر كثير من السلف من المفسرين، وكذا طائفة كثيرة من الخلف من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم، ولله الحمد والمنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>