للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلُّه. وقرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم، وابن عامر كل ذلك بالتشديد، إلا قوله تعالى: أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ فانهم خففوه. روى أبان، وحفص عن عاصم: «يذكرون» خفيفة الذال في جميع القرآن. قرأ حمزة، والكسائي: «يذّكّرون» مشدداً إذا كان بالياء، ومخفّفا إذا كان بالتاء.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٥٣]]

وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)

قوله تعالى: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو: «وأنّ» بفتح الألف مع تشديد النون. قال الفراء: إن شئت جعلت «أن» مفتوحة بوقوع «أتل» عليها وإن شئت جعلتها خفضاً، على معنى: ذلكم وصاكم به، وبأن هذا صراطي مستقيماً. وقرأ ابن عامر بفتح الألف أيضاً، إلا أنه خفف النون، فجعلها مخففة من الثقيلة وحكم إعرابها حكم تلك. وقرأ حمزة، والكسائي: بتشديد النون مع كسر الألف. قال الفراء: وكسر الألف على الاستئناف. وفي الصراط قولان: أحدهما: أنه القرآن. والثاني: الإسلام. وقد بينا إعراب قوله: «مستقيما» . فأما «السُّبُل» ، فقال ابن عباس: هي الضلالات. وقال مجاهد: البدع والشبهات. وقال مقاتل: أراد ما حرَّموا على أنفسهم من الأنعام والحرث. فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ أي: فتضلِّكم عن دينه.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٥٤]]

ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤)

قوله تعالى: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ قال الزّجّاج: «ثمّ» ها هنا للعطف على معنى التلاوة فالمعنى: أتل ما حرم ربكم، ثم اتل عليكم ما آتاه الله موسى. وقال ابن الانباري: الذي بعد «ثم» مقدَّم على الذي قبلها في النية والتقدير: ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزالنا القرآن على محمّد صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ في قوله تعالى: تَماماً قولان:

أحدهما: أنها كلمة متصلة بما بعدها تقول: أعطيتك كذا تماماً على كذا، وتماما لكذا، وهذا قول الجمهور. والثاني: أن قوله: تَماماً كلمة قائمة بنفسها، غير متصلة بما بعدها والتقدير: آتينا موسى الكتاب تماماً، أي: في دفعة واحدة، لم نفرِّق إنزاله كما فُرِّق إنزال القرآن، ذكره أبو سليمان الدمشقي. وفي المشار إليه بقوله: أَحْسَنُ

أربعة أقوال: أحدها: أنه الله عزّ وجلّ: ثم في معنى الكلام قولان: أحدهما: تماماً على إحسان الله إلى أنبيائه، قاله ابن زيد. والثاني: تماما على إحسان الله تعالى إلى موسى وعلى هذين القولين، يكون «الذي» بمعنى «ما» . والقول الثاني: أنه إبراهيم الخليل عليه السلام فالمعنى: تماماً للنعمة على إبراهيم الذي أحسن في طاعة الله، وكانت نُبُوَّة موسى نعمة على إبراهيم، لأنه من ولده، ذكره الماوردي. والقول الثالث: أنه كل محسن من الانبياء، وغيرهم.

وقال مجاهد: تماماً على المحسنين، أي: تماماً لكل محسن. وعلى هذا القول، يكون «الذي» بمعنى «مَن» ، و «على» بمعنى لام الجر ومن هذا قول العرب: أتم عليه، وأتم له. قال الراعي:

<<  <  ج: ص:  >  >>